للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: القياس من عدة وجوه منها:

الوجه الأول: القياس على جواز بيع لبن، وحليب الأدميات، وقد نص فقهاء الشافعية، والحنابلة على ذلك (١).

قال في الحاوي الكبير (٢): [ولبن الآدميات عندنا طاهر، وشربه حلال، وبيعه جائز].

وجه الدلالة: أنه إذا جاز بيع اللبن، وهو جزء من الآدمي، فيجوز بيع غيره من الأعضاء.

ويناقش: بأن هذا قياس غير معتبر لوجود الفارق، فإن اللبن والحليب متجدد، وبقاؤه فيه ضرر على جسم المرأة وصحتها، بخلاف العضو، وقد ذكر الشوكاني أن هذا من الأمور المقطوع بها فقال: [تحريم هذا (أي بيع الحر) من قطعيات الشريعة، وإجماع أهل الإسلام على التحريم معلوم، ولا يحتاج إلى الاستدلال على مثله] (٣).

الوجه الثاني: القياس على جواز بيع الأمة، والعبد فإذا جاز بيع الكل، جاز بيع البعض من باب أولى.

ويناقش: بأن الإسلام يتشوف للحرية والإعتاق، لذا جاءت الشريعة بإكرام الرقيق، وعدم تكليفه مالا يطيق، ورتب على إعتاقه العتق من النار كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» (٤).

الوجه الثالث: القياس على جواز بيع المصحف، وليست أعضاء الإنسان بأعظم حرمة منه.


(١) ينظر: الحاوي الكبير ٥/ ٣٣٣، والمجموع ٥/ ٢٥٤، والمغني ٤/ ١٩٦، والفروع ٦/ ١٣٥.
(٢) الحاوي الكبير ٥/ ٣٣٣.
(٣) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار ص: ٤٩٠.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب كفارات الأيمان، باب قوله تعالى (أو تحرير رقبة) برقم (٦٧١٥) ٨/ ١٤٥، ومسلم في صحيحه، كتاب العتق، باب فضل العتق، برقم (١٥٠٩) ٢/ ١١٤٧.

<<  <   >  >>