للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم الحجاب حكمًا ينبغي لنا اعتبارها واحترامها، وليس من الصواب تعطيل تلك الحكم لاتباع الأسوة، وكما يحسن التوسع فيما فيه تيسير أو تخفيف، كذلك لا يجمل الغلو فيما فيه تشديد وتضييق أو تعطيل لشيء من مصالح الحياة"١.

ويستثير النخوة ويستحث المشاعر فيقول: "أليس من الغريب ألا يوجد رجل فينا يثق بامرأة أبدا مهما اختبرها، ومهما عاشت معه؟! أليس من العار أن نتصور أن أمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا لا يعرفن صيانة أنفسهن؟! متى خرج أحدنا من منزله أو سمح لامراته أن تخرج بسبب من الأسباب؟ فعلامَ يتكل أن لم يكن على صيانتها وحفظها نفسها بنفسها؟ ثم ماذا يفيد الرجل أن يملك جسم امرأته وحده إذا غاب عنه قلبها"٢.

وينذر من لم يقتنعوا بكتاباته في تحرير المرأة، حتى يشتد وقع كلماته وكأنها دقات طبول في ساعة الخطر فيقول: "طرقت ديارنا حوادث وداخلنا حرب من الاختلاط مع أمم كثيرة من الغربيين، ووجدت علائق بيننا وبينهم، علمتنا أنهم أرقى منا وأشد قوة، ومال ذلك بالجمهور الأغلب منا إلى تقليدهم في ظواهر عوائدهم خصوصًا إن كان ذلك إرضاء لشهوة أو إطلاقًا من قيد. فكان من ذلك أن كثيرًا من أعليائنا تساهلوا لزوجاتهم ومن يتصل بهم من النساء، وتسامحوا لهن في الخروج إلى المنتزهات وحضور التياترات ونحو ذلك، وقلدهن في ذلك كثير من يليهن، وعرض من هذه الحالة بعض فساد من الأخلاق"٣.

ويشير إلى تطور الحجاب من مرحلة إلى أخرى فيقول: "إني لا أقصد الآن رفع الحجاب دفعة واحدة، والنساء على ما هن عليه اليوم. فإن هذا الانقلاب ربما ينشأ عنه مفاسد جمة، لا يتأتى معها الوصول إلى الغرض المطلوب كما هو الشأن في كل انقلاب فجائي، وإنما الذي أميل إليه هو


١ راجع: تحرير المرأة ص٦٧.
٢ المرجع السابق: ص٨٠.
٣ راجع: تحرير المرأة ص٨٣.

<<  <   >  >>