للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسعد بن مماني الشاعر الأديب صاحب الخطوة في الدولة الأيوبية".

"وحين نهضت مصر بالفن الإسلامي كانت تستمد إبداعها فيه من وراثاتها في الفن المصري القديم، والفن المصري القبطي، بل إن الأقباط في أول عهد الإسلام بمصر هم الذين نهضوا بزخرفة الكتب، وزخرفة الخشب بل استعان بهم الوليد بن عبد الملك في بناء مسجد دمشق والمسجد الأقصى وقصر أمير المؤمنين, بل يضيف "البلاذري" في "فتوح البلدان" مسجد المدينة فيما أعانوا عليه, ونهض المصريون أقباطًا ومسلمين في العصر الفاطمي أي: في العصر الذي تم فيه إسلام مصر وتعريبها بالفن المصري الإسلامي نهضة فيها من إحساس مصر ووجدانها وذوقها الحضاري، ما أضفى على فن مصر الإسلامية طابعًا مميزًا، وشخصية فذة. يقول الأستاذ محمد شفيق غبريال في كتابه "تكوين مصر": "إن طرائق الفن القبطي وأساليبه كانت عاملًا من العوامل المؤثرة في فنون مصر الإسلامية وصناعاتها. وهذا دليل على أهمية العنصر المسيحي في تكوين مصر".

"هل يعلم هذا ضحايا عتاة الانشقاق وهواة الصيد في الماء العكر؟. جاءت المسيحية من بيت لحم بفلسطين وبعد تفكير وتمحيص للدين الوافد ولموقفها هي من الرومان، اختارت مصر المسيحية ودافعت عنها بالرأي والروح, وبما تمثل المسيحية من وقفة مصر وموقفها، نعتز بالمسيحية مسلمين وأقباط لأننا مصريون, وجاء الإسلام من الجزيرة العربية ولم يكن غربيا عن طبيعة مصر ولا عن مسيحيتها. ولهذا لم يكن إسلامها تسليمًا بل كان إسلامها موقفًا واستجابة وإيجابًا فدافعت عنه بالرأي والروح، وبما يمثل الإسلام من سماحة مصر وتفتحها، نعتز بالإسلام أقباطًا ومسلمين لأننا مصريون".

"آمنت مصر بالدينين؛ لأنها اهتدت منذ ألوف السنين بالفطرة السليمة والدافع الحضاري معًا، إلى عقيدة البعث والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار، بل اهتدت إلى التوحيد وابتهلت وتبتلت وشكرت وأفضلت, اهتدت مصر إلى هذا كله, ولهذا وقفت بوجدانها الدين وراء الأديان، وفعلت للمسيحية والإسلام ما لم يفعله أتباعهما في أي مكان, لم تعرف مصر

<<  <   >  >>