للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا التعبير وما يماثله: استوى الماء مع الخشبة, فلما حذفت "مع" وكانت منتصبة على الظرفية أقيمت الواو مقامها وانتصب ما بعدها انتصاب "مع" التي وقعت الواو موقعها، إذ لا يصح انتصاب الحروف، كما انتصب ما بعد إلا الواقعة موقع غير في الاستثناء في مثل: قام القوم إلا زيدا، وكأنما كان الأصل: قام القوم غير زيد١. وكان سيبويه يذهب إلى أن العامل في الخبر هو المبتدأ, وذهب الأخفش إلى أن العامل فيه هو العامل في المبتدأ وهو الابتداء٢.

وكان سيبويه يرى -وتبعه الجمهور- أن جمع المؤنث السالم في حالة النصب معرب بالكسرة نيابة عن الفتحة, وأن الممنوع من الصرف في حالة الجر معرب بالفتحة نيابة عن الكسرة، وذهب الأخفش إلى أنهما جميعا في الحالتين مبنيان٣. ولا توجد علة واضحة لهذا البناء! وذهب سيبويه إلى أنه إذا ولي "لولا" ضمير متصل مثل: لولاي ولولاك ولولاه كانت جارة، وذهب الأخفش -وتبعه الفراء- إلى أن الضمير في هذه الأمثلة مبتدأ مرفوع، وكل ما في الأمر أن العرب أنابت فيها الضمير المخفوض عن الضمير المرفوع, أي: إنهم أنابوا مثل لولاك عن: لولا أنت. واستدل بأنهم أنابوا علامة الرفع عن علامة الجر في مثل: "ما أنا كأنت". وذهب الأخفش في قول ثانٍ إلى أن الضمائر في لولاي ولولاك ولولاه حروف حضور وخطاب وغيبة٤. وكان سيبويه لا يجيز دخول الواو على خبر كان وأخواتها إذا كان جملة، وكان الأخفش يجيز ذلك مثل: كان محمد ولا حُمْق عنده وليس شيء إلا وفيه نقص، وكان ينشد منه قول الشاعر:

ليس شيء إلا وفيه إذا ما ... قابلته عين البصير اعتبار

وقول الآخر:

ما كان من بشر إلا ومَيْتته ... محتومة لكن الآجال تختلف


١ سر صناعة الإعراب لابن جني "طبعة الحلبي بالقاهرة" ١/ ١٤٤, والإنصاف ص١١٠, والرضي على الكافية ١/ ١٩٥, والهمع ١/ ٢٢٠.
٢ الهمع ١/ ٩٤.
٣ الهمع ١/ ١٩.
٤ الخصائص ٢/ ١٨٩، وابن يعيش ٣/ ١٢٢, والمغني ص٣٠٣.

<<  <   >  >>