لعل مما يدل أكبر الدلالة على أن الكوفيين كانوا يقصدون قصدا إلى أن تكون لهم في النحو مدرسة يستقلون بها, أنهم على الرغم من تلمذة أئمتهم الأولين على أيدي البصريين وعكوفهم جميعا على كتاب سيبويه ينهلون منه ويعلون, حاولوا جاهدين أن يميزوا نحوهم بمصطلحات تغاير مصطلحات البصريين والنفوذ إلى آراء خاصة بهم في بعض العوامل والمعمولات.
ونحن نعرض لأهم مصطلحاتهم التي تداولوها على ألسنتهم وسُجلت في تصانيفهم وتصانيف من خلفوهم من النحاة، فمن ذلك اصطلاح "الخلاف" وهو عامل معنوي كانوا يجعلونه علة النصب في الظرف إذا وقع خبرا في مثل "محمد أمامك"١, بينما كان البصريون يجعلون الظرف متعلقا بمحذوف خبر للمبتدأ السابق له. ومن ذلك اصطلاح الصرف جعله الفراء علة لنصب المفعول معه. مثل "جاء محمد وطلوعَ الشمس" بينما ذهب جمهور البصريين إلى أنه
١ الإنصاف: المسألة رقم ٢٩, والهمع ١/ ٩٨, والرضي ١/ ٨٣, وابن يعيش ١/ ٩١.