هو محمد بن المستنير، بصري المولد والمربى، وقد أقبل مبكرا على دراسة اللغة والنحو، ولزم سيبويه، ويقال: إنه هو الذي سماه قطربا, إذ كان يبكر للأخذ عنه، حتى كان سيبويه كلما خرج من داره سحرا رآه ببابه فقال له يوما مداعبا:"ما أنت إلا قطرب ليل" فثبتت الكلمة عليه ولصقت به، والقطرب: دويبة تدب ولا تفتر. وليس بين أيدينا ما يدل دلالة قاطعة على أنه تتلمذ للأخفش، غير ما يروى من أنه أخذ عن جماعة من العلماء البصريين، ونظن ظنا أنه أخذ عن الأخفش؛ لأنه كما قدمنا كان الطريق إلى كتاب سيبويه بعده، وعنه حمله العلماء، وطبيعي أن يحمله عنه قطرب فيمن حملوه، ما دام قد عني بالنحو والتقدم فيه، بل لقد اتخذه حرفة وأداة لتكسبه في تعليم أبناء الطبقة الممتازة ببغداد. وذاعت شهرته في ذلك فاتخذه الرشيد مؤدبا لابنه الأمين، وقربه منه أبو دلف العجلي أحد قواد الرشيد والمأمون النابهين واتخذه مؤدبا لأولاده، وظل يعنى بتأديبهم إلى وفاته سنة ٢٠٦ للهجرة. وله في النحو والصرف كتب مختلفة، منها: كتاب العلل في النحو وكتاب الاشتقاق في
١ انظر في ترجمة قطرب: أبا الطيب اللغوي ص٦٧, والسيرافي ص٤٩, والزبيدي ص١٠٦, والفهرست ص٨٤, ونزهة الألباء ص٩١, ومعجم الأدباء ١٩/ ٥٢, وابن خلكان في محمد, وتهذيب اللغة للأزهري ١/ ١٤, وتاريخ بغداد ٣/ ٢٩٨, وإنباه الرواة ٣/ ٢١٩, وشذرات الذهب ٢/ ١٥, ومرآة الجنان ٢/ ٣٠٠, ولسان الميزان لابن حجر ٥/ ٣٧٨, وبغية الوعاة ص١٠٤.