التصريف، وصنَّف بجانب ذلك كتبا متعددة في اللغة مثل: كتاب الأضداد وكتاب خَلْق الفرس وكتاب خلق الإنسان وكتاب المثلث وهو مطبوع، وكتاب ما خالف فيه الإنسان البهيمة. وكانت له عناية بالذكر الحكيم والحديث النبوي، فألف كتابا في إعراب القرآن، وكتابا في غريب الحديث. وكتابه "الرد على الملحدين في تشابه القرآن" يدل على صلته بالمعتزلة, والمباحث الكلامية.
ولم يصلنا كتاب قطرب في العلل النحوية، غير أن الكتب المتأخرة احتفظت ببعض آرائه فيه، من ذلك تعليله لدخول الإعراب في الكلام، وقد مضى يعارض فيه ما ارتآه سيبويه وغيره من النحاة من أنه دخل الكلام في العربية لبيان الفارق بين المعاني التي يريدها المتكلمون للكلمات, إذ تكون فاعلة ومفعولة ومضافة أو مضافا إليها، يقول١:
"ولم يعرب الكلام للدلالة على المعاني والفرق بين بعضها وبعض؛ لأنا نجد في كلامهم أسماء متفقة في الإعراب مختلفة المعاني, وأسماء مختلفة في الإعراب متفقة المعاني، فمما اتفق إعرابه واختلف معناه قولك: إن زيدا أخوك، ولعل زيدا أخوك، وكأن زيدا أخوك، اتفق إعرابه واختلف معناه. ومما اختلف إعرابه واتفق معناه قولك: ما زيد قائما "أي: في لغة الحجازيين", وما زيد قائم "أي: في لغة بني تميم" اختلف إعرابه واتفق معناه. ومثله: ما رأيته منذ يومين ومنذ يومان, ولا مالَ عندك ولا مالٌ عندك، وما في الدار أحد إلا زيد وما في الدار أحد إلا زيدا. ومثله: إن القوم كلَّهم ذاهبون وإن القوم كلُّهم ذاهبون، ومثله:{إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} و"إن الأمر كلُّه لله" قرئ بالوجهين جميعا، ومثله: ليس زيد بجبان ولا بخيل، وليس زيد بجبان ولا بخيلا. ومثل هذا كثير جدا مما اتفق إعرابه واختلف معناه، ومما اختلف إعرابه واتفق معناه. فلو كان الإعراب إنما دخل الكلام للفرق بين المعاني لوجب أن يكون لكل معنى إعراب يدل عليه لا يزول إلا بزواله. وإنما أعربت العرب كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون