لا ريب في أن الكسائي يعد إمام مدرسة الكوفة، فهو الذي وضع رسومها ووطّأ منهجها، وفيه يقول أبو الطيب اللغوي:"كان عالم أهل الكوفة وإمامهم، إليه ينتهون بعلمهم، وعليه يعولون في روايتهم" وينبغي أن لا نلتفت إلى ما يقوله أبو حاتم بدافع العصبية للبصرة, إذ يزعم أنه "لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب، ولولا أن الكسائي دنا من الخلفاء فرفعوا من ذكره لم يكن شيئا، وعلمه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات عن الأعراب مطروحة؛ لأنه كان يلقنهم ما يريد، وهو على ذلك أعلم الكوفيين بالعربية والقرآن وهو قدوتهم وإليه يرجعون". وكأن أبا حاتم نقض بنهاية كلامه طعنه في الكسائي، وهو قد طعنه في خُلقه وأنه كان يلقن الأعراب ما يريد من نحو شاذ، وهو طعن لا يعبأ به، إذ كان معروفا بالثقة والأمانة والصدق فيما يروى، وعنه حمل معاصروه ومن تلاهم إحدى القراءات السبع الوثيقة، أما أن علمه ليس منظما، وأنه يفتقر إلى الحجج والعلل فقد يكون ذلك صحيحا إذا قسناه إلى