للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في قاموا ليستا فاعلين, وإنما هما علامتان دالتان على الفاعل المستتر، تؤذنان بالتثنية والجمع١. وذهب مثل أستاذه نفس المذهب في الألف والواو والياء في المثنى وجمع المذكر السالم, إذ كان يرى أن هذه الحروف ليست حروف الإعراب, إنما هي دالة عليه٢. وكان يذهب مذهب أستاذه في إذا الفجائية وأنها حرف، غير أنه كان يضيف أن الفاء قبلها في مثل: "خرجت, فإذا محمد بالباب" زائدة، بينما كان يرى الزيادي معاصره أنها دخلت على حد دخولها في جواب الشرط، ورأي المازني أكثر دقة؛ لأن إذا والفاء جميعا تقعان في جواب الشرط، وتغني كل منهما عن الأخرى، مثل: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} وإذا كان الموضع يشبه موضع جواب الشرط -كما قال الزيادي- فالأحرى أن تكون الفاء زائدة؛ لأن إذا تغني عنها٣. وكان مثل زميله الجرمي يجيز تقديم التمييز على عامله في مثل: تصبب زيد عرقا؛ لمجيئه في قول الشاعر:

وما كاد نفسا بالفراق تطيب٤

إذ قدم الشاعر نفسا على تطيب. وكان سيبويه يحتم الرفع في مثل الرجل التالي لأي في النداء في قولك: يا أيها الرجل؛ لأن كلمة الرجل هي المقصودة بالنداء, وإنما جاءت أي واسطة بينها وبين حرف النداء؛ لأنها معرفة بالألف واللام، وذهب المازني إلى أنه يجوز فيها النصب كما جاز في نعت المنادى المفرد في مثل: يا زيد الظريف٥. وكان ينكر النكرة غير المقصودة في النداء في مثل: يا رجلا خذ بيدي, يقولها الأعمى٦.

ومن آرائه أن كلمة "مثل ما" في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} إنما هي اسم واحد بُنيت فيه مثل على الفتح, وهي مع ما في موضع رفع نعت لحق وهما مضافان إلى أن وما بعدها٧. وكان يذهب إلى أن بعض أسماء الأفعال


١ انظر المغني ٢/ ٢٤٤، ٣٠٥، ٣٧٠، ٣٧٣، ٤٠٤، ٤١٠, وانظر ص٤١٣ حيث ينص ابن هشام على أنه كان يرى أن ياء المخاطبة في: تقومين وقومي حرف تأنيث والفاعل مستتر, وكذلك كان يرى أن نون النسوة في مثل: قمن حرف تأنيث والفاعل مستكن أو مستتر. وانظر الرضي على الكافية ٢/ ٨.
٢ الزجاجي ص١٣٠، ١٤١, والرضي على الكافية ١/ ٢٦، ٢/ ٨.
٣ الخصائص ٣/ ٣٢٠, وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٦٢ وما بعدها, والمغني ص١٨٠.
٤ أسرار العربية ص١٩٦, والهمع ١/ ٢٥٢.
٥ أسرار العربية ص٢٢٩.
٦ الهمع ١/ ١٧٣.
٧ الخصائص ٢/ ١٨٢.

<<  <   >  >>