للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأسماء والأفعال، فإذا سُئلت عن مسألة فانظر هل بنتِ العرب على مثالها, فإن كانت بنت فابْنِ مثل ما بنت ... وسأصنع لك من كل شيء من هذا الباب رسما تقيس عليه ما كان مثله"١. ودائما يقول: "ما قِيس على كلام العرب, فهو من كلام العرب"٢.

وفي رأينا أنه هو الذي فتح باب التمارين غير العملية في الصرف على مصاريعه، كأن يقال: ابن من ضرب على مثال جعفر، فيقال: ضَرْبَب، أو ابن منها على مثال قِمَطْر فيقال: ضِرَبّ٣، أو ابن منها على مثال سفرجل فيقال: ضربَّب، وتقول من علم على نفس الوزن: علمَّم, ومن ظرف: ظرفَّف٤.

وكان يتشدد في الأخذ بالقياس ويرد ما لا يطرد معه من لغة العرب, ومن بعض القراءات للذكر الحكيم، ومن خير ما يصور ذلك عنده ردّه لقراءة نافع معايشَ بالهمز في قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} فقد كان يقرأ معايش ومعائش بالهمز، والقياس فيها الياء. ونراه يعرض لتلك القراءة على هدي ما أثاره فيها الفراء, على نحو ما سنصور ذلك في الفصل الخاص به، يقول: "فأما قراءة من قرأ من أهل المدينة معائش بالهمز فهي خطأ, فلا يلتفت إليها، وإنما أخذت عن نافع بن أبي نعيم ولم يكن يدري ما العربية "علم النحو" وله أحرف يقرؤها لحنا نحوا من هذا، وقد قالت العرب: مصائب، فهمزوا وهو غلط ... وكأنهم توهموا أن مصيبة على مثال فعيلة، فهمزوها حين جمعوها كما همزوا جمع سفينة سفائن، وإنما مصيبة مُفْعلة من أصاب يصيب وأصلها مُصْوِبة، فألقوا حركة الواو على الصاد، فانكسرت الصاد وبعدها واو ساكنة، فأبدلت ياء للكسرة قبلها، وأكثر العرب يقول: مصاوب, فيجيء بها على القياس"٥. وإنما منع أن تجمع معيشة على معائش بالهمز؛ لأن حرف اللين عين الكلمة إذ هي من عاش، وحرف اللين إنما يقلب همزة إذا كان مزيدا على حروف الكلمة مثل رسالة ورسائل, وعجوز


١ المنصف ١/ ٩٥.
٢ الخصائص ١/ ٣٥٧.
٣ المنصف ١/ ١٧٣.
٤ المنصف ١/ ١٧٥.
٥ المنصف ١/ ٣٠٧.

<<  <   >  >>