للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بناء الكلمة حين تتحول إلى صيغة التصغير، فتصغير مثل هار، وهو البئر، ويضع اسم رجل هو: هُوَيْر ويُضَيْع، وكان المازني يرى أن يُرَدّ المحذوف، فيقال: هويئر ويويضع؛ لأن أصل هار هائر وخففت، وأصل يضع يوضع من وضع وحذفت الواو١. وكان يشترط في المصغر كله أن يكون على مثال الأسماء، ومن أجل ذلك كان يمنع من تصغير انفعال وافتعال، فلم يجز -كما أجاز سيبويه- في انطلاق "نُطَيْليق", ولا في افتقار "فتيقير"؛ لأنه ليس لهما مثال في الأسماء، بل كان يحذف بعض حروفهما حتى يصير إلى مثال الأسماء, فيقول في تصغيرهما: طليق وفقير. وكذلك كان لا يجيز في المثالين جمعهما جمع تكسير على نطاليق وفتاقير، كما ذهب إلى ذلك سيبويه، بل كان يجمعهما على طلائق وفقائر بحذف الألف والنون والتاء٢. وكان سيبويه يرى قياس اسم التفضيل من صيغة الفعل الماضي المصوغ على أفعل مثل أكرم، فيقال: هو أكرم من زيد، وذهب المازني إلى منع القياس في ذلك حتى لا تلتبس صيغة اسم التفضيل المشتقة من الفعل الثلاثي بصيغته من الفعل الرباعي، فأكرم عنده تفضيلا مشتقة من كرم، أما التفضيل من أكرم فتطبق عليه طريقة الفعل المزيد، إذ يؤتى بمصدره ويسبقه تفضيل من مثل كثر، فيقال: أكثر إكراما٣. وكان يذهب إلى أن القياس في الإلحاق إنما يطرد في لام الكلمة مثل قعدد ومهدد، أما الإلحاق في وسط الكلمة مثل إلحاق الواو في جوهر وجدول والياء في بيطر, فشاذ لا يقاس عليه٤.

ولعل فيما قدمت ما يوضح إمامة المازني وخاصة في علم التصريف، وبدون ريب هو الذي نظم قواعده ومسائله، وهو الذي فصله عن النحو الذي كان مخلوطا به في كتاب سيبويه، وأقامه علما مستقلا بأبنيته وأقيسته وتمارينه الكثيرة التي ذلل بها شوارده، ويسرها للباحثين من بعده أمثال أبي علي الفارسي وابن جني، وكأنما سخرت له اللغة ليستتم صنيع الخليل وسيبويه في صياغة قواعد التصريف


١ الخصائص ٣/ ٧١.
٢ الهمع ٢/ ١٨١، ١٨٧.
٣ المفصل للزمخشري "الطبعة الأولى بالقاهرة" ص٢٣٥.
٤ الخصائص ١/ ٢٢٥، ٣٥٧, والمنصف ١/ ٤١.

<<  <   >  >>