للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جره إذا سبقها حرف جر مثل: "على كم معلم درست؟ "، وذهب الجمهور إلى أن التمييز مجرور حينئذ بمن مقدرة حُذفت تخفيفا، اتفق في ذلك سيبويه والبصريون والكوفيون، وذهب الزجاج إلى أنه مجرور بالإضافة إلى كم, فهي العاملة فيه، لا من المضمرة١.

وكان يعنى بالتعليل سواء في المسائل النظرية أو العملية، من ذلك استدلاله على صحة مذهب أصحابه البصريين في أن المصدر هو الأصل وأن الفعل مشتق منه، يقول: "لو كان المصدر بعد انفعل وكان مأخوذا منه, لوجب أن يكون لكل مصدر فعل قد أُخذ منه لا محيص عن ذلك ولا مهرب منه، فلما رأينا في كلام العرب مصادر كثيرة لا أفعال لها ألبتة مثل العبودية والرجولية والبنوة والأمومة والأموَّة "من الأمة" وما أشبه ذلك مما يطول تعداده من المصادر التي لم تؤخذ من الأفعال، ورأينا في كلامها أيضا مصادر جارية على غير ألفاظ أفعالها نحو الكرامة والعطاء "يقصد أسماء المصادر" وما أشبه ذلك, علمنا أنه ليست الأفعال أصولا للمصادر، إذ كانت المصادر توجد بغير أفعال، وعلمنا أن المصادر هي الأصول، فمنها ما أخذ منه فعل، ومنها ما لم يؤخذ منه فعل، وهذا بيِّن واضح"٢. وكان يعلل لرفع الفاعل ونصب المفعول بقوله: "إنما فُعل ذلك للفرق بينهما، ثم سأله نفسه فقال: فإن قيل: فهل عُكست الحال فكانت فرقا أيضا؟ قيل: الذي فعلوه أحزم، وذلك أن الفعل لا يكون له أكثر من فاعل واحد، وقد يكون له مفعولات كثيرة، فرفع الفاعل لقلته ونصب المفعول لكثرته، وذلك ليقل في كلامهم ما يستثقلون ويكثر في كلامهم ما يستخفون"٣. وكان يعلل لعدم استخدام العرب صيغة "ما زال زيد إلا قائما" بأنها نفي للنفي يفضي إلى الإيجاب، فامتنعوا من ذلك٤. وكان المبرد يذهب، كما مر بنا، في تعليل بناء الآن باقترانها دائما بأداة التعريف دون أخواتها، وذهب الزجاج إلى أنها بُنيت لتضمنها معنى الإشارة؛ لأن معناها هذا الوقت٥. وكان الجمهور يذهب إلى أن المثنى في مثل الزيدان والزيدين معرب، وذهب الزجاج إلى أنه


١ الهمع ١/ ٢٥٤.
٢ الزجاجي ص٥٨.
٣ الخصائص ١/ ٤٩، والمنصف ١/ ١٩٠.
٤ الخصائص ٣/ ٢٤١.
٥ الهمع ١/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>