للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له كتاب كبير في القراءات، وألف في النحو مختصرا، وكان يجوِّز نداء الجنس المعرف بالألف واللام المشبه به مثل: "يا الأسد" أي: يا مثل الأسد١. ومعروف أن الجمهور لا يجيز ذلك إلا مع أي, تقول: "يا أيها الأسد" ولا يجوز: "يا الأسد" ألبتة.

وممن غلبت عليه اللغة من تلاميذه علي٢ بن حازم اللحياني، وكان يتصدر للإملاء في زمن الفراء، واشتهر بكتاب في اللغة يسمى "النوادر". ودارت في كتب النحو له روايتان شاذتان شذوذا شديدا, أما الأولى فروايته أن من العرب من يجزم بأن الناصبة للمضارع، إذ ذكر أن بعض بني صباح من ضبة أنشده قول امرئ القيس:

إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا ... تعالوا إلى أن يأتِنا الصيد نحطب

وقول بعض الرجاز:

أحاذر أن تعلمْ بها فتردها ... فتتركها ثقلا علي كما هيا

ويروى البيت الأول: "إلى أن يأتي الصيد" وإذن تسقط رواية اللحياني، أما البيت الثاني فقال ابن هشام: فيه نظر؛ لأن الراجز عطف على الفعل المسكن أفعالا منصوبة مما يدل على أنه مسكن للضرورة لا مجزوم٣. وأما الرواية الثانية فما ذكره من أنه سمع بعض العرب ينصب بلم الجازمة مثل لن تماما كقول بعض رجازهم:

في أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يُقْدَرَ أم يوم قدر

وكقراءة بعض القراء شذوذا: "أَلَمْ نَشْرَحَ لك صدرك" بفتح الحاء. وخرّج ذلك بعض النحاة على أن الأصل: "لم يُقْدرَنْ" و"أَلَمْ نَشْرَحن" ثم حُذفت نون التوكيد الخفيفة وبقيت الفتحة دليلا عليها٤. وهي على كل حال صيغ شاذة لا يعوَّل عليها في القواعد المطردة.

على كل حال, ليس بين من سميناهم من تلاميذ الكسائي من يمكن أن يقال


١ الهمع ١/ ١٧٤.
٢ راجع في ترجمته: الزبيدي ص١٤٧, وأبا الطيب اللغوي ص٨٩, ونزهة الألباء ص١٧٦, ومقدمة تهذيب اللغة للأزهري, ومعجم الأدباء ١٤/ ١٠٦, وإنباه الرواة ٢/ ٢٥٥, وبغية الوعاة ص٣٤٦.
٣ المغني ص٢٧.
٤ المغني ص٣٠٧.

<<  <   >  >>