للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يريد أن يشرح معناه. ويستخدم كلمة الإتباع كثيرا للدلالة على أن الكلمة من التوابع ومثلها كلمة الرد١، وهو أول من اصطلح على تسمية العطف بالحروف: الواو وأخواتها باسم عطف النسق٢, وكذلك هو أول من اصطلح على تسمية النعت باسمه٣, وكان سيبويه والبصريون يسمونه الصفة.

وحاول، بجانب هذه المصطلحات الجديدة التي أراد بها أن يسوي لنحو بلدته صورة متميزة، أن يخالف الخليل وسيبويه في تفسيرهما وتحليلهما لكثير من الألفاظ والأدوات، فمن ذلك: "اللهم" إذ كان الخليل يرى أنها لزمتها الميم المشددة عوضا عن "يا" التي كان ينبغي أن تتقدمها؛ ولذلك لا تجتمعان. وذهب الفراء إلى أنها اختزال من كلمة "يا ألله أُمَّنا بخير" حدث ذلك فيها لكثرة دورانها على لسانهم٤, وهو تخريج بعيد. ومن ذلك "هلم" كان الخليل يرى أنها مركبة من ها التنبيهية وفعل لُمَّ، ولكثرة استعمالها حذفت الألف من ها وأصبحت كأنها كلمة واحدة. وكان الفراء يرى أن أصلها: "هل أم" من فعل أم أي: قصد، فخففت الهمزة، بأن ألقيت حركتها على اللام وحذفت، فصارت "هلم"٥. وتخريج الخليل أقرب؛ لأنها تخلو من معاني الاستفهام. ومن ذلك "إياك" ولواحقها كان الخليل يذهب إلى أن إيا اسم مضمر مبهم أضيف إلى الضمير لتخصيصه وذهب غيره من البصريين إلى أن "إيا" ضمير والكاف وأخواتها حروف تبين حال الضمير من التكلم والخطاب والغيبة، بينما ذهب الفراء إلى أن "إيا" حرف زيد دعامة، ولواحقه هي الضمائر التي تكون في موضع نصب حسب مواقعها٦. ومن ذلك "لن" كان الخليل يرى أن أصلها: "لا أن"؛ فحذفت الهمزة تخفيفا والألف لالتقاء الساكنين، وكأنه وصلها بأن حتى يعلل لنصبها المضارع، وذهب الفراء إلى أن أصلها "لا" وأُبدلت الألف نونا فيها


١ معاني القرآن ١/ ١٧، ٧٠، ٨٢، وانظر ٢/ ٩٧.
٢ معاني القرآن ١/ ٤٤، ٧٢، وانظر ٢/ ٧٠.
٣ معاني القرآن ١/ ١١٢، ١٩٨، ٢٧٧، وانظر ٢/ ١٤٥، ٢٥٠, ٣٦٤، ٣٦٦.
٤ معاني القرآن ١/ ٢٠٣، وابن يعيش ٢/ ١٦، وانظر الكتاب ١/ ٣١٠.
٥ معاني القرآن ١/ ٢٠٣، وابن يعيش ٤/ ٤٢، والهمع ٢/ ١٠٦.
٦ الهمع ١/ ٦١.

<<  <   >  >>