للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما كانت الياء فيه زائدة مثل: مدينة ومدائن وقبيلة وقبائل". وهو بذلك يعد أول من أنكر قراءة نافع لمعايش مهموزة، وإن قال العرب: ربما همزت هذا وشبهه يتوهمون أنه على وزن فعيلة لشبهها بها في وزن اللفظ وعدة الحروف على نحو ما صنعوا في جمعهم لمصيبة على مصائب١. ووقف بإزاء الآية الكريمة: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كفروا سبقوا إِنهم لا يعجزون" وقال: إن القراء قرءوها "تحسبن" بالتاء وقرأها حمزة: {يَحْسَبَنَّ} بالياء ولم يلبث أن ضعف قراءته قائلا: "ما أُحبها لشذوذها"٢. وعلق على الآية الكريمة: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} بقوله: "وقد قرأها الحسن البصري: "وَشُرَكَاؤُكُمْ" بالرفع، وإنما الشركاء ههنا آلهتهم, كأنه أراد: أجمعوا أنتم وشركاؤكم، ولست أشتهيه لخلافه للكتاب "يريد: كتابة المصحف" ولأن المعنى فيه ضعيف؛ لأن الآلهة لا تعمل ولا تجمع"٣.

وتلا قوله جل وعز: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ثم قال قوله: {يَعْقُوبَ} يرفع وينصب أي: يجوز فيه الوجهان، ولم يلبث أن قال: إن حمزة كان يقرأ الكلمة بالخفض, يريد: ومن وراء إسحاق بيعقوب ولا يجوز الخفض إلا بإظهار الباء، وبذلك رد قراءته للكلمة مجرورة على نية إعادة الباء٤. ووقف بإزاء الآية الكريمة: {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} وذكر قراءة الأعمش ويحيى بن وثاب ومن تبعهما مثل حمزة: "بِمُصْرِخِيِّ" بخفض الياء، وقال: "لعلها من وهم القراء طبقة يحيى, فإنه قل من سلم منهم من الوهم. ولعله ظن أن الباء في كلمة "بِمُصْرِخِيِّ" خافضة للحرف كله والياء من المتكلم خارجة من ذلك"٥. وتلا آية سورة الشعراء: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} وقال: "جاء عن الحسن: "الشياطونَ" وكأنه من غلط الشيخ ظن أنه بمنزلة المسلمين والمسلمون"٦, أي: إنه جمع تكسير لا جمع مذكر سالم؛ ولذلك لا يجوز فيه: "الشياطون" بالواو.

وهذه الحروف التي ردها الفراء إنما هي فيما نُشر من كتابه معاني القرآن،


١ معاني القرآن ١/ ٣٧٣.
٢ معاني القرآن ١/ ٤١٤.
٣ معاني القرآن ١/ ٤٧٣.
٤ معاني القرآن ٢/ ٢٢.
٥ معاني القرآن ٢/ ٧٥, وقد عاد في نفس الموضع يثبت أن بعض العرب قد يخفض ياء المتكلم في الجار والمجرور في مثل كلمة "فيِّ".
٦ معاني القرآن ٢/ ٢٨٥.

<<  <   >  >>