للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتقريب مثل كان"١ ويقول في موضع آخر من مجالسه: "تقول: هذا الخليفة قائما، والخليفة قائم، فتدخل "هذا" وتخرجه فيكون المعنى واحدا، وكلما رأيت إدخال "هذا" وإخراجه واحدا فهو تقريب مثل قولهم: من كان من الناس سعيدا فهذا الصياد شقيا، وهو قولك: فالصياد شقي، فتسقط هذا وهو بمعناه"٢. وواضح أنه يشير بذلك إلى أن دخول اسم الإشارة على عبارة "الصياد شقي" يشبه تماما دخول كان.

وكان يسمي اسم الفاعل بالفعل الدائم، يقول: "ولا تجيء عسى إلا مع مستقبل, ولا تجيء مع ماض ولا دائم ولا صفة"٣. ويقول ابن كيسان: قال لي ثعلب: "كيف تقول: مررت برجل قائم أبوه؟ فأجبته بخفض قائم ورفع الأب، فقال لي: بأي شيء ترفعه؟ فقلت: بقائم، فقال: أوليس هو عندكم "يشير إلى أنه بصري المنزع" اسما, وتعيبوننا بتسميته فعلا دائما؟ "٤ وكأنه يريد أن يذكر علة تسميتهم له بفعل دائم، إذ يعمل في الأسماء كما تعمل الأفعال.

وكان يصطلح على تسمية الضمير باسم المكنى والكناية، يقول: "الأعداد لا يكنى عنها ثانية فلا أقول: عندي الخمسة الدراهم والستتها, وأقول: عندي الحسن الوجه الجميله فأكني عنه"٥. وكان يتوسع مثل الفراء فيطلق اسم العماد لا على ضمير الفصل في مثل: محمد هو الشاعر, وإن محمدا هو الكاتب, بل أيضا على ضمير الشأن، في مثل: "إنه قام زيد" و"إنه قامت هند"٦.

وأكثر في مجالسه من تسمية النفي باسم الجحد، من مثل قوله: "كل استفهام يكون معه الجحد يجاب المتكلم به ببلى ولا، وكل استفهام لا جحد معه فالجواب فيه نعم، وإنما كُره أن يجاب ما فيه جحد بنعم لئلا يكون إقرارا بالجحد من المتكلم"٧, وهو يريد أن يقول: إنك تجيب على مثل: أمعك كتاب؟ بنعم أي:


١ مجالس ثعلب ص٥٢ وما بعدها.
٢ المجالس ص٥٤.
٣ المجالس ص٤٥٦، وانظر ص٤٦٣.
٤ مجالس العلماء للزجاجي ص٣١٨.
٥ المجالس ص٣٣٢.
٦ المجالس ص٦٦١، وقد اعتذر الكسائي في روايته عن العرب: "فإذا هو إياها" بأن هو عماد وإذا كوجدت مع أحد مفعوليه كأنه قال: فوجدته هو إياها. انظر الرضي ٢/ ١٠٦.
٧ المجالس ص٥٤٢.

<<  <   >  >>