للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن عامل المبتدأ هو الابتداء لا الخبر كما قال الكوفيون١. ويهاجم رأي الكوفيين القائل بأن عندك في مثل: محمد عندك, منصوب بالخلاف٢، ويضعف رأيهم في أن الاسم الواقع بعد لولا يرتفع بها لنيابتها عن الفعل٣، كما يضعف رأيهم في أنّ إنّ وأخواتها لا تعمل الرفع في الخبر وإنما هو مرفوع على حاله قبل دخول إن وصواحبها٤. وعلى هذا النحو لا يزال ابن يعيش يضعف آراء الكوفيين ويقوي آراء البصريين، ويلقانا من حين إلى حين استحسانه لبعض آراء الكوفيين كاستحسانه تخريجهم لقراءة: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} على أن إن نافية واللام بمعنى إلا، والتقدير: ما هذان إلا ساحران، يقول: وهو تقدير حسن٥. وجوز رأي الكسائي في أن "حيث" قد تضاف إلى المفرد وقال: إنها لغة كقول بعضهم: "حيث ليّ العمائم"٦. وذهب مع الفراء والزمخشري إلى أن لو تأتي للتمني وحينئذ تكون مصدرية مثل أن٧, وكان يجوز مع الكوفيين صرف ما لا ينصرف في ضرورة الشعر٨, وكان يستحسن رأي أبي علي الفارسي في أن المعطوف في مثل: قام محمد وعمر معمول لفعل محذوف من جنس الفعل الأول٩، وكذلك رأيه في أن اللام الداخلة أو اللازمة مع إن الملغاة فارقة بينها وبين إن النافية١٠. واحتج لرأيه في أن إما في مثل: جاء إما علي وإما عمر ليست عاطفة١١. ولعلنا لا نبعد إذا قلنا: إنه كان أكثر البغداديين المتأخرين انتصارا وحماسة للبصريين.

والرضي١٢ الإسترابادي هو نجم الدين محمد بن الحسن، مولده ومرباه في إستراباد من أعمال طبرستان، وليس بين أيدينا أخبار واضحة عن حياته،


١ ابن يعيش ١/ ٨٤ وما بعدها.
٢ ابن يعيش ١/ ٩١, وقد قرر هنا مثل ابن جني والفارسي أن الظرف هو الخبر نفسه لا المتعلق المحذوف.
٣ ابن يعيش ١/ ٦٩.
٤ ابن يعيش ١/ ١٠٢.
٥ ابن يعيش ٣/ ٢٩.
٦ ابن يعيش ٤/ ٩٠ وما بعدها.
٧ ابن يعيش ٩/ ١١.
٨ الأشباه والنظائر للسيوطي "طبعة حيدر آباد" ٢/ ٣٣, وقابل شرحه على المفصل ١/ ٦٨ وما بعدها.
٩ ابن يعيش ٨/ ٨٩.
١٠ ابن يعيش ٨/ ٧١, وانظر المغني ص٢٥٦.
١١ ابن يعيش ٨/ ١٠٣.
١٢ انظر في الرضي: شذرات الذهب ٥/ ٣٩٥، وخزانة الأدب للبغدادي ١/ ١٢، وبغية الوعاة ص٢٤٨.

<<  <   >  >>