للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي رحل إلى المشرق وتتلمذ للكسائي والفراء، وهو أول من أدخل إلى موطنه كتب الكوفيين، وأول من صنف به في النحو، وما زال يدرسه لطلابه حتى توفي سنة ١٩٨ للهجرة. وكان يعاصره أبو عبد الله١ محمد بن عبد الله الذي رحل مثله إلى المشرق، وأخذ عن عثمان بن سعيد المصري المعروف باسم وَرْش قراءته، وأدخلها إلى الأندلس، وكان بصيرا بالعربية.

ويتكاثر هؤلاء القراء والمؤدبون في القرن الثالث الهجري، ويتميز من بينهم عبد الملك٢ بن حبيب السلمي المتوفى سنة ٢٣٨ للهجرة، وكان إماما في الفقه والحديث والنحو واللغة، وبين مصنفاته كتاب في إعراب القرآن. ويعنى في نفس القرن مفرج٣ بن مالك النحوي بوضع شرح على كتاب الكسائي، كما يعنى معاصره أبو بكر٤ بن خاطب النحوي المكفوف بوضع كتاب في النحو كانت له شهرة في موطنه. ويذكر الزبيدي كثيرين كانوا يعنون بالشعر القديم والعباسي وشرحه للطلاب.

ويبدو أن الأندلس تأخرت في عنايتها بالنحو البصري, وأنها صبَّت عنايتها أولا على النحو الكوفي مقتدية بنحويِّها الأول جودي بن عثمان، حتى إذا أصبحنا في أواخر القرن الثالث الهجري وجدنا الأفُشْنيق٥ محمد بن موسى بن هاشم المتوفى سنة ٣٠٧ يرحل إلى المشرق ويلقى بمصر أبا جعفر الدينوري، ويأخذ عنه كتاب سيبويه رواية ويقرؤه بقرطبة لطلابه. ويأخذ غير نحوي في مدارسة الكتاب مثل أحمد٦ بن يوسف بن حجاج المتوفى سنة ٣٣٦, وكان يضع دائما كتاب سيبويه بين يديه ولا يَنِي عن مطالعته في حال فراغه وشغله وصحته وسقمه.


١ الزبيدي ص٢٩٣, وبغية الوعاة ص٦٣.
٢ انظر في ترجمته: الزبيدي ص٢٨٢، وابن الفرضي ١/ ٢٢٥، والحميدي في الجذوة ص٣٦٢, والمغرب في حلى المغرب "طبع دار المعارف" ٢/ ٦٩، وابن فرحون ص١٥٤, وإنباه الرواة ٢/ ٢٠٦، وبغية الوعاة ص٣١٢.
٣ الزبيدي ص٢٩٧، وبغية الوعاة ص٣٩٦.
٤ الزبيدي ص٢٩٧، والبغية ص٢٠٢.
٥ الزبيدي ص٣٠٥، وابن الفرضي ١/ ٣٢٩، وإنباه الرواة ٣/ ٢١٦، وبغية الوعاة ص١٠٨.
٦ الزبيدي ص٣٢٤، وبغية الوعاة ص١٧٥.

<<  <   >  >>