صح ما ذكره المترجمون له، كتابات فرعية كرسالة له في معنى الحروف, وثانية في جملة آلات الإعراب، وثالثة في العوامل, ويظن القفطي أنها منتحلة عليه، ورابعة لعلها من عمل غيره إذ تسمى "شرح صرف الخليل". ولكنه إذا كان لم يترك في النحو والتصريف كتابا كبيرا مأثورا يضم فروعهما وشعبهما الكثيرة, فإن تلميذه سيبويه سجل في كتابه كثيرا من بحوثه النحوية والصرفية، حتى كأنه كان موكلا بأن لا يترك له رأيا مهما يتصل بقواعد العِلْمين ومسائلهما إلا دوّنه حتى قال القدماء: إن كتابه من تصنيفه وتصنيف أستاذه الخليل وعبروا عن ذلك عبارات مختلفة من مثل قول ثعلب: "الأصول والمسائل في الكتاب للخليل", ويقول أبو الطيب اللغوي:"عقد سيبويه كتابه بلفظه ولفظ الخليل", ويقول السيرافي:"عامة الحكاية في كتاب سيبويه عن الخليل أستاذه، وكل ما قاله سيبويه, سألته أو قال من غير أن يذكر قائله فهو الخليل". وكل من يقرأ الكتاب يحس في وضوح بما قاله ثعلب من أن الأصول وأمهات المسائل النحوية والصرفية من عمل الخليل، وكأنه بالقياس إلى سيبويه كان الكنز الذي لا ينفد.
وحقا سبقت الخليل في النحو والتصريف خطوات مهمة، وخاصة عند ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر، ولكن من الحق أيضا أنه هو الذي رفع قواعدهما وأركانهما وشاد صرحهما وبناءهما الضخم، بما رسم من مصطلحاتهما وضبط من قواعدهما، وبما شعب من فروعهما، يهتدي في ذلك ببصيرته النافذة التي أتاحت له وضع علم العروض وضعا تاما بحيث لم تستطع الأجيال التالية أن تضيف إلى صنيعه شيئا. وبالمثل تناول علمي النحو والتصريف ساذجين من أسلافه، وما زال بهما حتى استويا في صورتهما التي ثبتت على الزمن، ونستطيع أن نقول في إجمال: إن جمهور ما يصوره سيبويه في كتابه من أصول النحو والتصريف وقواعدهما إنما هو من صنيع أستاذه. ولا ينكر أحد ما لسيبويه من إكمال في العلمين وتتميم، ولكن المهم أن واضع تخطيطيهما وراسم لوحتيهما إنما هو الخليل، يتضح ذلك في محاوراته التي لا تكاد تنتهي مع تلميذه والتي تدور فيها مصطلحات النحو والصرف وأبوابهما، من مثل المبتدأ والخبر وكان وإن وأخواتهما والأفعال اللازمة والمتعدية إلى مفعول به واحد أو مفعولين أو مفاعيل، والفاعل