للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معا: "إن محمدا لبك لواثق" بدخول اللام على الخبر ومعموله جميعا١. وكذلك اختار رأي المبرد في أن إذا الفجائية ظرف مكان٢. وأكثر من اختيار آراء الأخفش، من ذلك مسألتان في باب كان وأخواتها، أما أولاهما فدخول الواو على أخبارها إذا كانت جملة تشبيها لها بالجملة الحالية, مستدلين بقول بعض الشعراء:

وكانوا أناسا ينفحون فأصبحوا ... وأكثر ما يعطونه النظر الشزر

وذهب الجمهور إلى أن "أصبحوا" في البيت تامة والجملة حالية. وأما المسألة الثانية فدخول الواو على خبر ليس وكان المنفية إذا كان جملة وتاليا لإلا, كقول أحد الشعراء:

ليس شيء إلا وفيه إذا ما ... قابلته عين البصير اعتبار

وقول آخر:

ما كان من بشر إلا وميتته ... محتومة لكنِ الآجالُ تختلف

وأنكر ذلك الجمهور ذاهبين إلى أن الخبر حذف ضرورة أو أن الواو زائدة٣. وكان يأخذ برأي الأخفش في أن "من" الجارة تأتي زائدة مطلقا، وخرج عليها قوله جل شأنه: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} ٤, وأخذ برأيه في أن اسم عسى أخت كاد قد يأتي بصورة المنصوب المتصل مثل: عساني وعساك وعساه وهو في محل رفع نيابة عن المرفوع الذي حل محله٥، وأيضا أخذ برأيه في أن الحال لا تجيء من المضاف إليه إلا إذا كان جزءا من المضاف أو مثل جزئه على شاكلة قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} , وقوله: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} لأنه لو استُغني عن المضاف وقيل: ونزعنا ما فيهم إخوانا, واتبع إبراهيم حنيفا لاطرد السياق والكلام٦. ومر بنا في غير هذا الموضع أن الكوفيين تابعوا الأخفش في مسائل كثيرة، ونرى ابن مالك يتابعهم في الأخذ


١ الهمع ١/ ١٣٩.
٢ المغني ص٩٢.
٣ الهمع ١/ ١١٦.
٤ المغني ص٣٦١.
٥ الهمع ١/ ١٣٢.
٦ الهمع ١/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>