٣٣٨ للهجرة, أكب على النحو ودراساته في موطنه، ثم رحل إلى العراق، فسمع الزجاج وغيره من أصحاب المبرد مثل ابن السراج، كما سمع أصحاب ثعلب وأوائل البغداديين. وعاد إلى موطنه يدرس كتاب سيبويه لطلابه، وطارت شهرته، فرحل إليه الطلاب من الأندلس وفي مقدمتهم -كما مر بنا في غير هذا الموضع- محمد بن يحيى الرباحي الذي حمل عنه كتاب سيبويه رواية، ودرسه لطلابه بقرطبة.
وظل نحاة الأندلس من بعده يتوارثون رواية نسخته المضبوطة الوثيقة, مثيرين لكنوز الكتاب ومفسرين معلقين. وبذلك كان للنحاس فضل بث دراسة كتاب سيبويه في الأندلس وما رافقها هناك من نهضة الدراسات النحوية. ومما عني به "تفسير أبيات سيبويه" ويقال: إنه لم يُسبق إلى مثله، وكل من جاء بعده استمد منه.
وفي بعض المراجع أن له كتاب "شرح سيبويه" مما يدل على أنه كان له على الكتاب شرح مفرد يذلله ويحل مشاكله. وعني بالقرآن الكريم، فكتب فيه كتبا مفيدة، منها كتاب معاني القرآن وكتاب إعراب القرآن، وهما كتابان قَيِّمان, ويقال: إنهما أغنيا عما صُنف قبلهما في معناهما. وله شروح على بعض دواوين الشعر والمعلقات والمفضليات. وصنف في النحو كتاب الكافي وهو مفقود, ومختصرا أسماه كتاب التفاحة في النحو نشره كوركيس عواد ببغداد، كما صنف كتابا في الاشتقاق. ويلفتنا بين مصنفاته التي روتها له كتب التراجم كتاب "المقنع في اختلاف البصريين والكوفيين" مما يدل دلالة واضحة على أنه عني باستيعاب آراء المدرستين عناية جعلته يخصهما بالتأليف.
ومن يرجع إلى مختصره الذي سماه كتاب التفاحة في النحو والذي يقع في ست عشرة صحيفة, يجده يمزج في وضوح بين آراء البصريين والكوفيين، فهو في الصورة العامة للكتيب وعرض مسائله بصري، وهو في بعض آرائه وبعض المصطلحات كوفي، وقد يختار رأيا لقطرب أو للأخفش مخالفا جمهور البصريين. ومن أول ما يلقانا في الكتيب مخالفا لهم فيه, ذهابه إلى أن الأسماء الخمسة: أباك وأخواتها معربة بحروف العلة نفسها, متفقا في ذلك مع قطرب وهشام من الكوفيين والزجاجي