للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعلهم يقولون: إنه أنحى من سيبويه! وخلّف في العربية مصنفات كثيرة، من أهمها: كتاب "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" وقد اختطّ له منهجا لم يسبق إليه، إذ لم يُقمه على أبواب النحو المعروفة، بل قسمه قسمين كبيرين؛ قسما أفرده للحروف والأدوات التي تشبه مفاتيح البيان في لغتنا، ومضى يوضّح وظائفها وطرق استخدامها مع عرض جميع الآراء المتصلة بها عرضا باهرا. أما القسم الثاني فتحدث فيه عن أحكام الجملة وأقسامها المتنوعة وأحكام الظرف والجار والمجرور وخصائص الأبواب النحوية وصور العبارات الغريبة, مع ما لا يكاد ينفد من ملاحظات وقواعد كلية تجسم أسرار العربية، وقد طبع هذا الكتاب مرارا، وطبع معه شرحان أو حاشيتان للأمير والدسوقي. ومن مصنفاته: "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" وهو مطبوع مرارا، وشرحه الشيخ خالد الأزهري باسم "التصريح على التوضيح" وكتب عليه حاشية الشيخ يس العليمي الحمصي، والحاشية والشرح مطبوعان معه. ولابن هشام بجانب هذين المصنفين شذور الذهب في معرفة كلام العرب، وهو مطبوع مرارا ومثله "قطر الندا وبل الصدا" و"الإعراب عن قواعد الإعراب". وله وراء ذلك مصنفات نحوية كثيرة لا تزال مخطوطة ومحفوظة على رفوف المكتبات المختلفة. وهو يمتاز فيها جميعا بوضوح عبارته مع الأداء الدقيق إلى أبعد حدود الدقة, مسهبا مطنبا أو موجزا مجملا.

ومنهجه في النحو هو منهج المدرسة البغدادية، فهو يوازن بين آراء البصريين والكوفيين ومن تلاهما من النحاة في أقطار العالم العربي، مختارا لنفسه منها ما يتمشّى مع مقاييسه مظهرا قدرة فائقة في التوجيه والتعليل والتخريج، وكثيرا ما يشتق لنفسه رأيا جديدا لم يسبق إليه، وخاصة في توجيهاته الإعرابية على نحو ما يتضح لقارئ كتابه المغني.

وهو في أغلب اختياراته يقف مع البصريين، من ذلك اختياره رأي سيبويه في أن المبتدأ مرفوع بالابتداء وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ١، وأن كان وأخواتها


١ شرح التصريح على التوضيح ١/ ١٥٨.

<<  <   >  >>