اللغوي فيه وفي كتابه:"هو أعلم الناس بالنحو بعد الخليل، وألف كتابه الذي سماه الناس قرآن النحو". ويقول السيرافي:"وعمل كتابه الذي لم يسبقه إلى مثله أحد قبله، ولم يلحق به من بعده". ويقول المبرد:"لم يعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه". ويقول صاعد بن أحمد الأندلسي:"لا أعرف كتابا أُلِّف في علم من العلوم قديمها وحديثها، واشتمل على جميع ذلك العلم وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب؛ أحدها المجسطي لبطليموس في علم هيئة الأفلاك، والثاني كتاب أرسططاليس في علم المنطق، والثالث كتاب سيبويه البصري النحوي، فإن كل واحد من هذه لم يشذّ عنه من أصول فنه شيء إلا ما لا خطر له".
ولعل أول ما يلاحظ على الكتاب أن سيبويه لم يضع له اسما يفرده به، وربما أعجلته وفاته عن تسميته كما أعجلته عن وضع مقدمة بين يديه وخاتمة ينتهي بها، فنحن نفاجأ في أول سطر فيه بهذا العنوان:"هذا باب علم ما الكلم من العربية" وفيه تحدث عن أقسام الكلمة, وأنها اسم وفعل وحرف. ونمضي معه إلى نهاية الكتاب، فنجد الحديث ينقطع عند بيان حذف بعض العرب لحروف في بعض الأبنية تخفيفا على اللسان، ومثَّل لذلك فيما مثَّل بقول بعضهم:"عَلْماءِ بنو فلان" بحذف اللام في على أي: على الماء بنو فلان. ونحس كأنه كانت لا تزال في نفسه بقية يريد أن يضيفها إلى الكتاب. ولعلنا لا نبعد إذا قلنا: إنه لم يأخذ الفرصة الكافية كي ينقح الكتاب ويخرجه إخراجا نهائيا. وربما كان هذا هو السبب الحقيقي في أننا نجد عنده أحيانا شيئا من الاستطراد كأن يتحدث في بعض أبواب النحو عن مسائل صرفية، وكأن يتعرض لبعض صيغ ليست من الباب كتعرضه لبعض صيغ الحال في حديثه عن النعت، وقد يتحدث عن باب في موضعين على نحو ما صنع بجموع التكسير في الجزء الثاني من الكتاب.
وينبغي أن لا نظن من ذلك أن الكتاب لم يُكْفَل له منهج سديد في التصنيف, فقد نسَّق سيبويه أبوابه وأحكمها إحكاما دقيقا، وخاصة إذا عرفنا أنه أول كتاب جامع في قواعد النحو والصرف. وقد جعله في قسمين كبيرين، أما