للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يحمد السُّوق للقضاة والوزراء والأمراء وَيدل على شعب وهم واضطراب لما فِيهِ من ارْتِفَاع الْأَصْوَات وَالْكَلَام الْبَاطِل والأيمان الْفَاجِرَة

والسوق يدل على الْمَسْجِد لِأَنَّهُ مَحل الْكسْب وَالتِّجَارَة كَمَا أَن الْمَسْجِد مَحل التِّجَارَة قَالَ الله تَعَالَى (هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم من عَذَاب اليم)

وَقد يدل السُّوق فِي الْحَرْب لَا سِيمَا إِن كَانَ السُّوق مَجْهُولا لَا يُبَاع فِيهِ اللَّحْم

السَّمَوَات وَأما سَمَاء الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يدل على قصر السُّلْطَان وخيمته وَجَسَده وَذَلِكَ لعجز النَّاس عَن الْخُرُوج من تَحْتَهُ فَمن رأى أَنه صعد إِلَى السَّمَاء بسلم نَالَ عزا من الْملك وَمن رأى نَفسه صَار سَمَاء وَكَانَ من أَبنَاء الْخُلَفَاء أَو الْأُمَرَاء أَو الْوُلَاة أَو الْقُضَاة نَالَ ولَايَة تلِيق بِهِ وَإِن كَانَ خَائفًا أَمن خَوفه وَمن وَقع عَلَيْهِ السَّمَاء خرب سقف بَيته وَإِن كَانَ مَرِيضا مَاتَ ويعلو عَلَيْهِ تُرَاب قَبره وَمن رأى كَأَنَّهُ صعد السَّمَاء لينْظر إِلَى الأَرْض فَإِنَّهُ ينَال ولَايَة ورفعة ويتاسف على مَا فَاتَهُ وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي سَمَاء الدُّنْيَا يَأْمر وَينْهى وَكَانَ أَهلا للوزارة نالها وَدخل فِي عمل وَزِير لِأَن سَمَاء الدُّنْيَا للقمر وَالْقَمَر وَزِير فِي التَّأْوِيل وَمن دخل السَّمَاء مُقَومًا ناله مشقة لقَوْله تَعَالَى (سَأُرْهِقُهُ صعُودًا) وَإِن دخل إِلَى السَّمَاء وَغَابَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَمُوت وَإِن نزل مِنْهَا فَإِنَّهُ يشرف على الْمَوْت وينجو وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي السَّمَاء الثَّانِيَة نَالَ علما وأدبا وَكِتَابَة وفطنة

لِأَن السَّمَاء الثَّانِيَة لعطارد وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِنَّهُ ينَال جواراً وحللا وحليا ونعمة لِأَن السَّمَاء الثَّالِثَة للزهرة

وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة نَالَ ملكا وسلطانا وهيبة لِأَن السَّمَاء الرَّابِعَة للشمس وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِنَّهُ ينَال ولَايَة فِي الشرطة والقتال والتلصص لِأَن سيرة السَّمَاء الْخَامِسَة

<<  <   >  >>