وَقد تكون الآفة فِيهِ نَفسه وَقد تكون بشركة المبدأ الْقَرِيب من الأعصاب الَّتِي تتشظى إِلَى تِلْكَ العضل ومباديها أَو الْبعيد كالدماغ وَقد تكون بشركة الْعُضْو المجاور من أَعْضَاء الْغذَاء أَو أَعْضَاء النَّفس أَو الْمُحِيط بهما من الْبَطن والصدر والمتصل بهما من خرزة الفقار أَو من الحنك فَإِن تغيره إِلَى رُطُوبَة أَو إِلَى يبوسة وخشونة قد تغيّر الصَّوْت. وَمن هَذَا الْقَبِيل قطع اللهاة واللوزتين فَإِن صَاحبهَا إِذا صَوت أحسّ كالدغدغة القوية الملجئة إِلَى التنحنح وَرُبمَا انسدت حُلُوقهمْ عِنْد كل صياح. وَأما من جِهَة المؤدّي فَإِن الصَّوْت يتَغَيَّر بِشدَّة حر الرئة أَو بردهَا أَو رطوبتها وسيلان الْقَيْح إِلَيْهَا من الأورام أَو سيلان النَّوَازِل إِلَيْهَا أَو يبوستها. فالحرارة تعظم الصَّوْت والبرودة تخدره وتصغّره واليبوسة تخشنه وتشبهه بأصواب الكراكي والرطوبة تبحّه والملاسة تعدّل الصَّوْت وتملّسه. وَإِذا امْتَلَأت الرئة رُطُوبَة وَلم تكن القصبة نقية لم يُمكن الْإِنْسَان أَن يصوت صَوتا عَالِيا وَلَا صافياً لِأَن ذَلِك بِقدر صفاء الرئة والحنجرة وضد صفائها. وَقد يخْتَلف الصَّوْت فِي ثقله وَخِفته بِحَسب سَعَة قَصَبَة الرئة وضيقها وسعة الحنجرة وضيقها وَإِذا اشتدت الْآفَات الْمَذْكُورَة فِي الْأَعْضَاء الباعثة والمؤدية بَطل الصَّوْت وَلم يجب أَن يبطل الْكَلَام فَإِن الْكَلَام قد يتم بِالنَّفسِ المعتدل كَرجل كَانَ أصَاب عصبه الرَّاجِع عِنْد الْحَاجة إِلَى كشفه بالحديد برد فَذهب صَوته وَالْآخر عولج فِي خنازير فَانْقَطَعت إِحْدَى العصبتين الراجعتين فَانْقَطع نصف صَوته. وَإِذا كَانَت الآفة بالعضل المثنية صَار الصَّوْت أبح وَإِذا كَانَت بالعضل المحرّكة الباسطة كَانَ الصَّوْت خناقياً بل رُبمَا حدث مِنْهُ خناق وَإِذا كَانَت بالعضل المحرّكة القابضة صَار الصَّوْت نفخياً وَإِذا بَطل فعلهَا بَطل الصَّوْت وَإِذا حدث فِيهَا استرخاء غير تَامّ وَحَالَة شَبيهَة بالرعشة ارتعش الصَّوْت وَإِذا لم تبلغ الرُّطُوبَة أَن ترخي أبحت الصَّوْت فالبحّة إِذا عرضت تعرض عَن رُطُوبَة وَلَو كثرت قَلِيلا أرعشت وَلَو كثرت كثيرا أبطلت. وَقد يبح الصَّوْت لسعة آلَات التصويت فَيحدث بهَا إعياء أَو تورّم وتوتّر. وأردؤه مَا كَانَ على الطَّعَام وَقد يبح للبرد الخشن وللحر المفرط بِمَا ييبسان المزاج وَكَذَلِكَ السهر والأغذية المخشنة ويبح لِكَثْرَة الصياح وتجلب بلة بِسَبَبِهَا إِلَى الطَّبَقَة المغشية للحلق والحنجرة. والبحوحة الَّتِي تعرض للمشايخ لَا تَبرأ وَإِذا كَانَ الصَّيف شمالياً يَابسا. وخريفه جنوبي مطير فَإِن البحوحة تكْثر فِيهِ. والدوالي إِذا ظَهرت كَانَت كثيرا من أَسبَاب صَلَاح الصَّوْت. وَاعْلَم أَن الناقهين والضعاف والمتخاشعين المتشبهين بالضعفاء لقلّة قوتهم كَأَنَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute