(التَّعْلِيم الرَّابِع تَدْبِير بدن من مزاجه فَاضل)
وَهُوَ خَمْسَة فُصُول الْفَصْل الأول استصلاح المزاج الأزيد حرارة نقُول: إِن سوء المزاج الْحَار إِمَّا أَن يكون مَعَ اعْتِدَال من المنفعلين أَو غَلَبَة يبوسة أَو رُطُوبَة وَإِذا اعتدلت المنفعلتان عرفنَا أَن زِيَادَة الْحَرَارَة إِلَى حد وَلَيْسَت بمفرطة وَإِلَّا لجففت. وَأما الْحَار مَعَ اليبوسة فَيجوز أَن يبْقى هَذَا المزاج بِحَالهِ مُدَّة طَوِيلَة. وَأما الْحَار مَعَ الرُّطُوبَة فَإِن اجْتِمَاعهمَا لَا يطول فَتَارَة تغلب الرُّطُوبَة الْحَرَارَة فتطفئها وَتارَة تغلب الْحَرَارَة الرُّطُوبَة فتجففها. فَإِن غلبت الرُّطُوبَة فَإِن صَاحبهَا يصلح حَاله عِنْد الْمُنْتَهى فِي الشَّبَاب وَيصير معتدلاً فيهمَا. فَإِذا انحط أخذت الرُّطُوبَة الغريبة تزداد والحرارة تنقص. فَنَقُول: إِن جملَة تَدْبِير حارّي المزاج منحصرة فِي غرضين: أَحدهمَا: أَن نردهم إِلَى الِاعْتِدَال وَالثَّانِي: أَن نستحفظ صحتهم على مَا هِيَ عَلَيْهِ. أما الأول فَإِنَّمَا يَتَيَسَّر للوادعين المكفيين الموطنين أنفسهم على صَبر طَوِيل مُدَّة رجوعهم بالتدريج إِلَى الِاعْتِدَال لِأَن من يردّهم من غير تدريج يمرض أبدانهم. وَأما الثَّانِي فَإِنَّمَا يُمكن تدبيرهم بأغذية تشاكل مزاجهم حَتَّى تحفظ الصِّحَّة الْمَوْجُودَة لَهُم فَمن كَانَ من حاري المزاج معتدلاً فِي المنفعلتين كَانُوا أدنى إِلَى الصِّحَّة فِي ابْتِدَاء أَمرهم وَكَانَ مزاجهم أسْرع لنبات أسنانهم وشعورهم وَكَانُوا ذَوي بَيَان ولسن وَسُرْعَة فِي الْمَشْي. ثمَّ إِذا أفرط عَلَيْهِم الْحر وَزَاد اليبس حدث لَهُم مزاج لذاع. وَكثير مِنْهُم يتَوَلَّد فيهم المرار كثيرا وتدبيرهم فِي السن الأول هُوَ تَدْبِير المعتدلين فَإِذا انتقلوا نقلوا إِلَى تَدْبِير من يرام إدرار بَوْله واستفراغ مراره وَمن الْجِهَة الَّتِي تميل إِلَيْهَا فضولهم جهتي الإسهال أَو الْقَيْء. وَإِذا لم تف الطبيعة بإمالة الْخَلْط إِلَى الاستفراغ أعينت بأَشْيَاء خُفْيَة. أما الْقَيْء فبمثل شرب المَاء الْحَار الْكثير وَحده أَو مَعَ النبذ وَأما الإسهال فَمثل البنفسج المربى وَالتَّمْر الْهِنْدِيّ والشيرخشك والترنجبين. وَيجب أَن تخفف رياضتهم وَأَن يغذوا بغذاء حسن الكيموس وَرُبمَا وَجب أَن يثلثوا الاستحمام فِي الْيَوْم وَيجب أَن يجنبوا كل سَبَب مسخن. وَإِن لم يورثهم الاستحمام عقيب الطَّعَام تمدداً أَو تعقداً فِي نَاحيَة الكبد والبطن استعملوه على أَمن. وَأما إِن عرض شَيْء من ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute