للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِي سَببه الْبُرُودَة فَيُشبه الدَّم المتعفن فِي نَفسه لَيْسَ كَاللَّحْمِ الذائب وَلَا يكون شَدِيد النتن جدا بل نَتنه أقلّ من نَتن الْحَار وَيكون أَيْضا أقلّ تواتراً من الْحَار وأقلّ لوناً وَرُبمَا كَانَ دَمًا رَقِيقا أسود كَأَنَّهُ دم معتكر تعكر إِمَّا لَيْسَ بجامد وَيكون استمراره غسالياً أَكثر وَيكون الْعَطش فِي أَوله قَلِيلا وشهوة الطَّعَام أَكثر وَرُبمَا تأدى فِي آخِره للعفونة إِلَى حميات فَيسْقط الشَّهْوَة أَيْضا وَيُؤَدِّي إِلَى الاسْتِسْقَاء. وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ أطول امتداد حَال. ويستدل على مَا يصحب المزاجين من الرُّطُوبَة واليبوسة بِحَال مَا يخرج فِي قوامه وبالعطش. وَالَّذِي يكون عَن الدُّبَيْلَة فقد يكون قَيْحا غليظاً ودماً عكراً وأخلاطاً كَثِيرَة كَمَا يكون فِي السدد وَلَكِن العلامات فِي نضجها وانفجارها تكون كَمَا قد علمت ووقفت عَلَيْهَا من قبل وَرُبمَا سَالَ من الدبيلي والورمي فِي أَوله صديد رَقِيق ثمَّ عِنْد الانفجار تخرج الْمدَّة وَقد يسيل مَعهَا دم. وَالَّذِي يكون عَن قرحَة أَو آكِلَة فَيكون مَعَ وجع فِي نَاحيَة الكبد وَمَعَ قلَّة مَا يخرج ونتنه وَتقدم مُوجبَات القروح والأكال. وَالَّذِي يكون الْخَارِج مِنْهُ نفس لحم الكبد فَيكون أسود غليظاً ويصحبه ضعف بِقرب من الْمَوْت وأوقات سالفة. وَالَّذِي يكون لامتلاء من ورم وَعَن احتباس سيلان أَو قطع عُضْو أَو ترك رياضة أَو نَحوه فَيدل عَلَيْهِ سَببه وَيكون دفْعَة وَمَعَ كَثْرَة وَانْقِطَاع سريع ونوائب. وكل من تأذى أمره فِي الخلفة الطَّوِيلَة كَانَ دردياً أَو صديدياً أَو غير ذَلِك إِلَى أَن يخلف الْأسود قل فِيهِ الرَّجَاء. وَرُبمَا نفعته الْأَدْوِيَة القوية القابضة الغذائبة قَلِيلا وَلَكِن لم يُبَالغ مُبَالغَة تُؤدِّي إِلَى الْعَافِيَة. وَأما علاج هَذَا الْبَاب فقد أخرناه إِلَى بَاب الإسهالات فليطلب من هُنَاكَ.

(فصل فِي سوء الْقنية)

إِذا فسد حَال الكبد وَاسْتولى عَلَيْهَا الضعْف حدث أَولا حَال تكون مُقَدّمَة للاستسقاء تسمى سوء الْقنية وتخص باسم فَسَاد المزاج. فأولاً يَسْتَحِيل لون الْبدن وَالْوَجْه إِلَى الْبيَاض والصفرة وَيحدث تهيّج فِي الأجفان وَالْوَجْه وأطراف الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ. وَرُبمَا فَشَا فِي الْبدن كُله حَتَّى صَار كالعجين وَيلْزمهُ فَسَاد الهضم. وَرُبمَا اشتدت الشَّهْوَة وَكَانَت الطبيعة من استمساكها وانحلالها على غير تَرْتِيب. وَكَذَلِكَ حَال النّوم وغشيانه تَارَة والسهر وَطوله أُخْرَى ويقلّ مَعَه الْبَوْل والعرق وتكثر الرِّيَاح ويشتد انتفاخ المراق وَرُبمَا انتفخت الخصية وَإِذا عرض لَهُم قرحَة عسر اندمالها لفساد المزاج ويعرض فِي اللثة حرارة وحكّة بِسَبَب البخار الْفَاسِد المتصعد وَيكون الْبدن كسلاناً مسترخياً وَقد تعرض حَالَة شَبيهَة بِسوء الْقنية بِسَبَب اجْتِمَاع المَاء فِي الرئة وَتصير سحنة صَاحبه مثل سحنة المستسقي فِي جَمِيع علاماته.

<<  <  ج: ص:  >  >>