وَأما نبض الشبَّان فزائد فِي الْعظم وَلَيْسَ زَائِدا فِي السرعة بل هُوَ نَاقص فِيهَا جدا وَفِي التَّوَاتُر وذاهب إِلَى التَّفَاوُت لَكِن نبض الَّذين هم فِي أول الشَّبَاب أعظم ونبض الَّذين هم فِي أواسط الشَّبَاب أقوى وَقد كُنَّا بَينا أَن الْحَرَارَة فِي الصّبيان والشبان قريبَة من التشابه فَتكون الْحَاجة فيهمَا مُتَقَارِبَة لَكِن الْقُوَّة فِي الشبَّان زَائِدَة فتبلغ بالعظم مَا يُغني عَن السرعة والتواتر وملاك الْأَمر فِي إِيجَاب الْعظم هُوَ الْقُوَّة وَأما الْحَاجة فداعية وَأما الْآلَة فمعينة. ونبض الكهول أَصْغَر وَذَلِكَ للضعف وَأَقل سرعَة لذَلِك أَيْضا وَلعدم الْحَاجة وَهُوَ لذَلِك أَشد تَفَاوتا ونبض الشُّيُوخ الممعنين فِي السن صَغِير متفاوت بطيء وَرُبمَا كَانَ لينًا بِسَبَب الرطوبات الغريبة لَا الغريزية. الْفَصْل الثَّامِن المزاج الْحَار أَشد حَاجَة فَإِن ساعدت الْقُوَّة والآلة كَانَ النبض عَظِيما وَإِن خَالف أَحدهمَا كَانَ على مَا فصل فِيمَا سلف وَإِن كَانَ الْحَار لَيْسَ سوء مزاج بل طبيعياً كَانَ المزاج قَوِيا صَحِيحا وَالْقُوَّة قَوِيَّة جدا وَلَا تَظنن أَن الْحَرَارَة الغريزية يُوجب تزايدها نُقْصَانا فِي الْقُوَّة بَالِغَة مَا بلغت بل توجب الْقُوَّة فِي الْجَوْهَر الروحي والشهامة فِي النَّفس والحرارة التابعة لسوء المزاج كلما ازدادت شدَّة ازدات الْقُوَّة ضعفا. وَأما المزاج الْبَارِد فيميل النبض إِلَى جِهَات النُّقْصَان مثل الصغر خُصُوصا والبطء والتفاوت فَإِن كَانَت الْآلَة لينَة كَانَ عرضهَا زَائِدا وَكَذَلِكَ بطؤها وتفاوتها وَإِن كَانَت صلبة كَانَت دون ذَلِك. والضعف الَّذِي يورثه سوء المزاج الْبَارِد أَكثر من الَّذِي يورثه سوء المزاج الْحَار لِأَن الْحَار أَشد مُوَافقَة للغريزية. وَأما المزاج الرطب فتتبعه الموجية والاستعراض واليابس يتبعهُ الضّيق والصلابة ثمَّ إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَالْحَاجة شَدِيدَة حدث ذُو القرعتين والمتشنّج والمرتعش ثمَّ إِلَيْك أَن تركب على حفظ مِنْك لِلْأُصُولِ. وَقد يعرض لإِنْسَان وَاحِد أَن يخْتَلف مزاج شقيه فَيكون أحد شقيه بَارِدًا وَالْآخر حاراً فَيعرض لَهُ أَن يكون نبضا شقّيه مُخْتَلفين الِاخْتِلَاف الَّذِي توجبه الْحَرَارَة والبرودة فَيكون الْجَانِب الْحَار نبضه نبض المزاج الْحَار والجانب الْبَارِد نبضه نبض المزاج الْبَارِد وَمن هَذَا يعلم أَن النبض فِي انبساطه وانقباضه لَيْسَ على سَبِيل مد وجزر من الْقلب بل
(الْفَصْل التَّاسِع نبض الْفُصُول)
أما الرّبيع فَيكون النبض فِيهِ معتدلاً فِي كل شَيْء وزائداً فِي الْقُوَّة وَفِي الصَّيف يكون سَرِيعا متواتراً للْحَاجة صَغِيرا ضَعِيفا لانحلال الْقُوَّة بتحلل الرّوح للحرارة الْخَارِجَة المستولية المفرطة. وَأما فِي الشتَاء فَيكون أَشد تَفَاوتا وإبطاءً وضعفاً مَعَ أَنه صَغِير لِأَن الْقُوَّة تضعف. وَفِي بعض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute