للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغريزية من طول الاحتقان أَو شدته فيعقبه الْبرد وَأَيْضًا غَلَبَة الرُّطُوبَة على الْبدن. وَأما من الْأَمْرَاض الْمُشْتَركَة فانصداع الأوعية وانفجارها. والتخمة من أردأ أَسبَاب الْأَمْرَاض وخصوصاً إِذا وافت بعد اعتياد الخواء مثل مَا يَقع من الشِّبَع المفرط فِي الْخطب عقيب جوع مفرط فِي الحدب. وَأما من الْأَمْرَاض المركبة فالأورام والبثور. واستفراغ مَا يجب أَن يحتبس يكون إِمَّا لقُوَّة الدافعة أَو لضعف الماسكة أَو لإيذاء الْمَادَّة بالثفل لكثرته أَو بالتمديد لريحته أَو باللذع لحدته وحرافته أَو لرقة الْمَادَّة فَيكون كَأَنَّهَا تسيل من نَفسهَا فيسهل اندفاعها وَقد يعينها سَعَة المجاري كَمَا يعرض لسيلان الْمَنِيّ أَو من إنشافها طولا أَو انقطاعها عرضا أَو انفتاحها عَن فوهاتها كَمَا فِي الرعاف وَقد يحدث هَذَا الاتساع بِسَبَب حَادث من خَارج أَو من دَاخل وَإِذا وَقع استفراغ مَا يجب أَن يحتبس عرض من ذَلِك برد المزاج باستفراغ الْمَادَّة المشعلة الَّتِي يغتذي مِنْهَا الْحَار الغريزي وَرُبمَا عرض مِنْهُ حرارة مزاج إِذا كَانَ مَا يستفرغ بَارِد المزاج مثل البلغم أَو قَرِيبا من اعْتِدَال المزاج مثل الدَّم فيستولي الْحَار المفرط كالصفراء فيسخن قد يعرض من ذَلِك اليبس دَائِما وبالذات وَرُبمَا عرضت مِنْهُ الرُّطُوبَة على الْقيَاس الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي عرُوض الْحَرَارَة وَذَلِكَ عِنْد اعْتِدَال من استفراغ الْخَلْط المجفف أَو يعجز من الْحَرَارَة الغريزية عَن هضم الْغذَاء هضماً تَاما فيكثر البلغم لَكِن هَذِه الرُّطُوبَة لَا تَنْفَع فِي المزاج الغريزي وَلَا تكون غريزية كَمَا أَن تِلْكَ الْحَرَارَة لم تكن غريزية بل كل استفراغ مفرط يتبعهُ برد ويبس فِي جَوْهَر الْأَعْضَاء وغريزتها وَإِن لحق بَعْضهَا حرارة غَرِيبَة ورطوبة غير صَالِحَة. وَقد يتبع الاستفراغ المفرط من الْأَمْرَاض لأولي السدة أَيْضا لفرط يبس الْعُرُوق وانسدادها ويتبعه التشنج والكزاز وَأما الاحتباس والاستفراغ المعتدلان المصادفان لوقت الْحَاجة إِلَيْهَا فهما نافعان حَافِظَانِ للحالة الصحية فقد تكلمنا فِي الْأَسْبَاب الضرورية بجنسيتها وَإِن كَانَت قد لَا يكون أَكثر أَنْوَاعهَا ضَرُورِيَّة فلنأخذ فِي الْأَسْبَاب الْأُخْرَى.

(الْفَصْل الثَّامِن عشر غير ضَرُورِيَّة وَلَا ضارة)

ولتتكلم الْآن فِي الْأَسْبَاب الْغَيْر الضرورية وَلَا الضارة وَهِي الَّتِي لَيست بجنسيتها فِي الطَّبْع وَلَا هِيَ مضادة للطبع وَهَذِه هِيَ الْأَشْيَاء الملاقية للبدن غير الْهَوَاء فَإِنَّهُ ضَرُورِيّ بل مثل الاستحمامات وأنواع الدَّلْك وَغَيرهَا ولنبدأ بقول كلي فِي هَذِه الْأَسْبَاب فَنَقُول: إِن الْأَشْيَاء الفاعلة فِي بدن الْإِنْسَان من خَارج بالملاقاة تفعل فِيهِ على وَجْهَيْن: فَإِنَّهَا تفعل فِيهِ إِمَّا بنفوذ مَا لطف مِنْهَا فِي المسام لقُوَّة فِيهَا غواصة نَافِذَة أَو لجذب الْأَعْضَاء إِيَّاهَا من مسامها أَو بتعاون من الْأَمريْنِ. وَإِمَّا أَن تفعل لَا بمخالطة الْبَتَّةَ بل بكيفية صرفه محيلة للبدن وَذَلِكَ إِمَّا لِأَن هَذِه الْكَيْفِيَّة بِالْفِعْلِ كالطلاء الْمبرد بِالْفِعْلِ فيبرد أَو الطلاء المسخن بِالْفِعْلِ فيسخن أَو الكماد المسخن بِالْفِعْلِ فيسخن وَإِمَّا لِأَن لَهَا هَذِه الْكَيْفِيَّة بِالْقُوَّةِ لَكِن الْحَار الغريزي مِنْهَا يهيج فِيهَا قُوَّة فعالة ويخرجها إِلَى الْفِعْل. وَإِمَّا بالخاصية. وَمن الْأَشْيَاء مَا يُغير بالملاقاة وَلَا يُغير بالتناول مثل البصل فَإِنَّهُ إِذا ضمد بِهِ من خَارج قرح وَلَا يقرح من دَاخل وَمن الْأَشْيَاء مَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>