وجذب الْغذَاء إِلَى ظَاهر الْبدن ومعونته إِنَّمَا هِيَ فِي تَحْلِيل مَا يُرَاد أَن يتَحَلَّل ونفض مَا يُرَاد أَن ينفض فِي جِهَته الطبيعية وَحبس الإسهال وإزالته الإعياء. ومضارة تَضْعِيف الْقلب إِن أفرط مِنْهُ وإيراث الغشي والغثيان وتحريك الْموَاد الساكنة وتهيئتها للعفونة وإمالتها إِلَى الأفضية وَإِلَى الْأَعْضَاء الضعيفة فَيحدث عَنْهَا أورام فِي ظَاهر الْأَعْضَاء وباطنها. الْفَصْل السَّادِس الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ الْبَارِد إِنَّمَا يصلح ذَلِك لمن كَانَ تَدْبيره من كل الْوُجُوه مستقصى وَكَانَ سنّه وقوته وسحنته وفصله مُوَافقا وَلم يكن بِهِ تخمة وَلَا قيء وَلَا إسهال وَلَا سهر وَلَا نَوَازِل وَلَا هُوَ صبي وَلَا شيخ وَفِي وَقت يكون بدنه نشيطاً والحركات مواتية. وَقد يسْتَعْمل ذَلِك بعد اسْتِعْمَال المَاء الْحَار لتقوية الْبشرَة وَحصر الْحَرَارَة الغريزية فَإِن أُرِيد ذَلِك فَيجب أَن يكون ذَلِك المَاء غير شَدِيد الْبرد بل معتدلاً وَقد يسْتَعْمل بعد الرياضة فَيجب أَن يكون الدَّلْك قبله أشدّ من الْمُعْتَاد. وَأما تمريخ الدّهن فَيكون على الْعَادة وَتَكون الرياضة بعد الدَّلْك والتمريخ معتدلة وأسرع من الْمُعْتَاد قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ يشرع بعد الرياضة فِي المَاء الْبَارِد دفْعَة ليصيب أعضاءه مَعًا ثمَّ يلبث فِيهِ مِقْدَار النشاط والإحتمال وَقبل أَن يُصِيبهُ قشعريرة ئم إِذا خرج ذَلِك بِمَا نذكرهُ وَزيد فِي كذائه وَنقص من شرابه وَنظر فِي مُدَّة عود لَونه وحرارته إِلَيْهِ إِن كَانَ سَرِيعا اعدم أَن اللّّبْث فِيهِ قد كَانَ معتدلاً وَأَن كَانَ بطيئاً علم أَن اللّّبْث فِيهِ قد كَانَ أَزِيد من الْوَاجِب فَيقدر فِي الْيَوْم الثَّانِي بِقدر مَا يعلم من ذَلِك. وَرُبمَا ثنى دُخُول المَاء العذب بعد الدَّلْك واسترجاع اللَّوْن والحرارة. وَمن أَرَادَ أَن يسْتَعْمل ذَلِك فليتدرّج فِيهِ وليبدأ أول مرّة من أسخن يَوْم فِي الصَّيف وَقت الهاجرة وليتحرز أَن لَا يكون فِيهِ ريح وَلَا يَسْتَعْمِلهُ عقيب الْجِمَاع وَلَا عقيب الطَّعَام وَلَا وَالطَّعَام لم ينهضم وَلَا يَسْتَعْمِلهُ عقيب الْقَيْء والإستفراغ والهيضة والسهر وَلَا على ضعف من الْبدن وَلَا من الْمعدة وَلَا عقيب الرياضة إلاّ لمن هُوَ قوي جدا فيستعمل على الحدّ الَّذِي قُلْنَاهُ. وَاسْتِعْمَال الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ الْبَارِد على الأنحاء الْمَذْكُورَة يهْزم الْحَار الغريزي إِلَى دَاخل دفْعَة ثمَّ يقوّيه على الإستظهار والبروز أضعافاً لما كَانَ.
(الْفَصْل السَّابِع تَدْبِير الْمَأْكُول)
يجب أَن يجْتَهد حَافظ الصِّحَّة فِي أَن لَا يكون جَوْهَر غذائه شَيْئا من الأغذية الدوائية مثل الْبُقُول والفواكه وَغير ذَلِك فَإِن الملطفة محرقة للدم والغليظة مبلغمة مثقلة للبدن بل يجب أَن يكون الْغذَاء من مثل اللَّحْم خُصُوصا لحم الجدي والعجاجيل الصغار والحملان وَالْحِنْطَة المنقاة من الشوائب الْمَأْخُوذَة من زرع صَحِيح لم يصبهُ آفَة وَالشَّيْء الحلو الملائم للمزاج وَالشرَاب الطّيب الريحاني وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا سوى ذَلِك إِلَّا على سَبِيل التعالج والتقدم بِالْحِفْظِ. وأشبه الْفَوَاكِه بالغذاء التِّين وَالْعِنَب الصَّحِيح النضيج
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute