للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى أَن ينطلوا فِي الْيَوْم خمس مَرَّات ويطلى رؤوسهم بطبيخ الأكارع والرؤوس وبحليب اللَّبن وَيُوضَع عَلَيْهَا الزّبد وَليكن قصدك الترطيب أَكثر من قصدك التبريد إِلَّا أَنَّك لَا تَجِد أدوية شَدِيدَة الترطيب إِلَّا بَارِدَة فَاجْعَلْ مَعهَا البابونج. وَرُبمَا احتجت فِي تنويمه إِلَى سقيه دياقوذا فاسقه مَاء الرُّمَّان الحلو ليرطب أَو مَعَ شراب الأجاص ليلين أَو مَعَ مَاء الشّعير وينطله أَيْضا بِمَاء طبخ فِيهِ الخشخاش للتنويم ولكنّ الأصوب أَن تجْعَل فِيهِ قَلِيل بابونج وتحلب اللَّبن على رَأسه. والأدهان نافعة فِي ذَلِك جدا. وَإِذا اسْتعْملت النطولات والسعوطات المرطبة والأدهان فاحتل أَن ينَام بعْدهَا على حَال بِمَا ينوّم من النطولات والأدهان المسبتة خَاصَّة دهن الخس واسقه من الْأَشْرِبَة مَا يرطب كَمَاء الشّعير وَلَا تسقه مَا يجْرِي مجْرى السكنجبين وَمَا فِيهِ تلطيف وتجفيف وتقطيع. وَكلما رَأَيْت الطبيعة صلبة فاحقن لِئَلَّا ترْتَفع إِلَى الرَّأْس بخارات مؤذية من النَّقْل وَيجب أَن يسقوا فِي مِيَاههمْ أصُول الرازيانج البرّي وبزره وأصل الكرمة الْبَيْضَاء وَهُوَ الفاشرا فَإِنَّهَا نافعة. والشربة مِنْهُ كل يَوْم مِثْقَال فَإِن لم يشْربُوا دُسّ ذَلِك فِي طعامهم وَيجْلس بَين يَدي العليل من يستحي مِنْهُ ويهابه ويشدّ فخذاه وساقاه دَائِما ليجذب البخار إِلَى أَسْفَل وَإِن خيف أَن يَجْنوا على أنفسهم ربطوا ربطاً شَدِيدا وأدخلوا فِي قفص وعلقوا فِي معلاق مُرْتَفع كالأرجوحة وَيجب أَن تكون أغذيتهم رطبَة على كل حَال إِلَّا أَنَّهَا مَعَ رطوبتها يجب أَن لَا تكون مِمَّا يحدث السدد مثل النشاء وَمَا أشبهه فَإِن ذَلِك ضار لَهُم جدا وَلَا يُعْطون مَا يدرّ الْبَوْل كثيرا فَإِن ذَلِك يضرّهم. وَسَائِر علاجاتهم فِيمَا يجب أَن يتوقّوه ويحذروه هُوَ علاج المالنخوليا ونذكره فِي بَابه وَإِذا انحطوا فَلَا بَأْس بِأَن يسقوا شرابًا كثير المزاج فَإِن ذَلِك يرطبهم وينومهم وَعَلَيْك أَن تجتنب من الْأَشْيَاء الحارة المسخّنة.

(فصل فِي المالنخوليا)

يُقَال مالنخوليا لتغيّر الظنون والفكر عَن المجرى الطبيعي إِلَى الْفساد وَإِلَى الْخَوْف والرداءة لمزاج سوداوي يوحش روح الدِّمَاغ من دَاخل ويفزعه بظلمته كَمَا توحش وتفزع الظلمَة الْخَارِجَة على أنّ مزاج الْبرد واليبس منافٍ للروح مضعف كَمَا أَن مزاج الحرّ والرطوبة كمزاج الشَّرَاب ملائم للروح مقوّ. وَإِذا تركت مالنخوليا مَعَ ضجر وتوثّب وشرارة انْتقل فسمّي مانيا وَإِنَّمَا يُقَال مالنخوليا لما كَانَ حُدُوثه عَن سَوْدَاء محترقة وَسبب مالنخوليا إِمَّا أَن يكون فِي الدِّمَاغ نَفسه وَإِمَّا من خَارج الدِّمَاغ. وَالَّذِي فِي الدِّمَاغ نَفسه فَإِنَّهُ إمّا أَن يكون من سوء مزاج بَارِد يَابِس بِلَا مَادَّة تنقل جَوْهَر الدِّمَاغ ومزاج الرّوح النيّر إِلَى الظلمَة وإمّا أَن يكون مَعَ مَادَّة. وَالَّذِي يكون مَعَ مَادَّة فإمَّا أَن تكون الْمَادَّة فِي الْعُرُوق صائرة إِلَيْهَا من مَوضِع آخر أَو مستحيلة فِيهَا إِلَى السوَاد باحتراق مَا فِيهَا أَو تعكّره وَهُوَ الْأَكْثَر أَو تكون الْمَادَّة متشرّبة فِي جرم الدِّمَاغ أَو تكون مؤذية للدماغ بكيفيتها وجوهرها فتنصبّ فِي الْبُطُون وَكَثِيرًا مَا يكون انتقالاً من الصرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>