وَمِمَّا يَنْفَعهُ سقِِي أَقْرَاص الكهرباء فَإِن لم ينجع مَا ذكرنَا لم يكن بُد من علاج النزلة وحبسها مثل حلق الرَّأْس وَاسْتِعْمَال الضماد الْمُتَّخذ بزبل الْحمام يضمّد وَينْزع بِحَسب الْحَاجة. وَزعم جالينوس أَن امْرَأَة أَصَابَهَا نزف دم من النزلة فحقنتها بحقنة حادّة وخصوصاً إِذا لم يُمكن فصدها لِأَنَّهَا كَانَت نفثت أَرْبَعَة أَيَّام وضعفت وغذّاها بحريرة وَفَاكِهَة فِيهَا قبض إِذْ كَانَ عهدها بالغذاء بَعيدا وعالج رَأسهَا بدواء ذرق الْحمام وَأذن لَهَا فِي الْحمام لأجل الدَّوَاء وَلم يدهن رَأسهَا لئلاّ يرطب وسقاها الترياق الطري لينوّمها فإنّ فِي هَذَا الترياق قوى الأفيون ينوم وَيمْنَع دغدغة السعال ويسكّن من سيلان الْموَاد بالتغليظ. وَأما فِي الْيَوْم الثَّانِي من هَذَا الدَّوَاء فَلم يتعرّض لتحريكها بل تَركهَا هادئة سَاكِنة على حَاجَة بهَا إِلَى تنيقية الرئة وَأكْثر مَا دبرهَا بِهِ أَن دلك أطرافها وسقاها قدر باقلاة من الترياق الحَدِيث أقلّ من الأمس وَكَانَ غَرَضه أَن يمزجها إِلَى الْعَسَل لتسقي بِهِ الرئة ثمَّ تَركهَا سَاعَة ثمَّ ذَلِك أطرافها وَأَعْطَاهَا بعد ذَلِك مَاء الشّعير مَعَ قَلِيل خبز لينعش الْقُوَّة وَفِي الرَّابِع أَعْطَاهَا ترياقاً عتيقاً مَعَ عسل كثير لينقي رئتها تنقية شَدِيدَة وغذّاها فِي سَائِر الْأَيَّام على الْوَاجِب ودبرها تَدْبِير الناقهين وَمَعَ ذَلِك فقد كَانَ يضع على رَأسهَا وقتا بعد وَقت قيروطي الثافسيا ويحرّم عَلَيْهَا الاستحمام. وَهَذَا تَدْبِير جيد وَيجب أَن يكون الترياق ترياق مَا بَين شَهْرَيْن إِلَى أَرْبَعَة أشهر فَإِنَّهُ ينوم وَيحبس النزلة وَلَا يقرب رُؤُوس هَؤُلَاءِ بالدهن وَلَا بُد من حلق الرَّأْس لاستعمال هَذِه المحمرات وَلَو للنِّسَاء وَلَا بُد من إسهال بِمثل حب القوقايا إِن كَانَ هُنَاكَ كَثْرَة وَذَلِكَ بعد الفصد ثمَّ يلْزم الْأَدْوِيَة المحمّرة. وَمَا كَانَ من انْشِقَاق عرق أَو انْقِطَاعه وَكَانَ سَببه الامتلاء فَيجب أَن لَا يغذى مَا أمكن بل يجوع ثَلَاثَة أَيَّام يقْتَصر فِيهَا كل يَوْم على غذَاء قَلِيل من شَيْء لزج وَأما إِذا لم يظْهر سُقُوط الْقُوَّة دوفع بالتغذية مَا أمكن إِلَى الرَّابِع وَإِن خيف سُقُوط الْقُوَّة خوفًا وَاجِبا غذوا بِمَا يتَوَلَّد عَنهُ خلط معتدل أَو إِلَى برد وَفِيه تغرية ولزاق وتلزيج وَقبض وخاصة تَغْلِيظ الدَّم كالهريسة بالأكارع وكالرؤوس وكالنيمبرشت وكالأطرية خَاصَّة مَا طبخ بالعدس وكالعدس والعناب وَإِن أمكن أَن لَا يغذى بِالْقَوِيّ فعل وَاقْتصر على مَاء الشّعير وخصوصاً الْمَطْبُوخ مَعَ عدس أَو عناب أَو سفرجل وَالْخبْز المغموس فِي المَاء الْبَارِد أَو فِي شَيْء حامض مزور كُله مبرد بِالْفِعْلِ. ومخيض الْبَقر إِذا تطاولت الْعلَّة نَافِع لقبضه وبرده والألبان المغلاة لتغريتها وللزاقها نافعة فِي ذَلِك. فَإِن لم يغن وزادت فِي الدَّم فضرّت. والسمك الرضراضي شَدِيد الْمَنْفَعَة. وَيجب أَن يكون أغذية هَؤُلَاءِ وَالَّذين بعدهمْ بَارِدَة بِالْفِعْلِ. والجبن الطري الْغَيْر المملوح شَدِيد الْمَنْفَعَة لَهُم جدا. وَإِذا غذوت هَذَا وَأَمْثَاله بِلَحْم فاختر من اللحمان مَا كَانَ قَلِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute