فصل فِي المستعدين للسل فِي الْهَيْئَة والسحنة وَالسّن والبلد والمزاج هَؤُلَاءِ هم المجنحون الضيقو الصُّدُور العاريو الأكتاف من اللَّحْم وخصوصاً من خلف المائلو الأكتاف إِلَى قدّام بارز أَو كَانَ للْوَاحِد مِنْهُم جناحين وَكَانَ كَتفيهِ منقطعان عَن الْعَضُد وَقُدَّام وَخلف والطويلو الْأَعْنَاق المائلوها إِلَى قدّام قد برزت حُلُوقهمْ وَوَثَبْت وَهَؤُلَاء يكثر الرِّيَاح فِي صُدُورهمْ وَمَا يَليهَا والنفخ فِيهَا لصِغَر صُدُورهمْ وَإِن كَانَ بهم مَعَ ذَلِك ضعف الأدمغة يقبل الفضول وَلَا تنضج الأغذية فقد تمت الشَّرَائِط وخصوصاً إِن كَانَت أخلاطهم حارة مرارية والسحنات الْقَابِلَة للسل بِسُرْعَة مَعَ التجنح الْمَذْكُور هِيَ الزعر الْبيض إِلَى الشقرة وَأَيْضًا الْأَبدَان الصلبة المتكاثفة لما يعرض لَهُم من انحراف الْعُرُوق والمزاج الْقَابِل لذَلِك من كَانَ أبرد مزاجاً. والسنّ الَّذِي يكثر فِيهِ السل مَا بَين ثَمَان عشرَة سنة إِلَى حُدُود ثَلَاثِينَ سنة وَهِي فِي الْبِلَاد الْبَارِدَة أَكثر لما يعرض فِيهَا من انفتاق الْعُرُوق وَنَفث الدَّم أَكثر والفصل الَّذِي يكثر فِيهِ ذَلِك الخريف. مَا يجب أَن يتوقّاه هَؤُلَاءِ: يجب على هَؤُلَاءِ أَن يتوفوا جَمِيع الأغذية والأدوية الحريفة والحادة وَجَمِيع مَا يمدِّد أَعْضَاء الصَّدْر من صياح وضجر ووثبة. عَلَامَات السل: هِيَ أَن يظْهر نفث مدّة بعلامة الْمدَّة على مَا شرحناه من صورتهَا فِي اللَّوْن والرائحة وَغير ذَلِك وحمّى دقّية لَازِمَة لمجاورة الْقلب مَوضِع الْعلَّة تشتد مَعَ الْغذَاء وَعند اللَّيْل على الْجِهَة الَّتِي يشْتَد مَعهَا حمّى الدق لترطيب الْبدن من الْغذَاء على مَا نذكرهُ فِي مَوْضِعه. على أَنه رُبمَا تركّب مَعَ الدق فِيهَا حمّيات أُخْرَى نائبة أَو ربع أَو خُمس. وشرّها الْخمس ثمَّ شطر الغب ثمَّ النائبة وَإِذا حدث السل ظَهرت أَيْضا الدَّلَائِل الَّتِي عمدناها فِي آخر بَاب التقيح وفاض الْعرق مِنْهُم كل وَقت لِأَن قوتهم تضعف عَن إمْسَاك الْغذَاء وتدبيره. والحرارة تحلّل وتسيل فَإِن انتفث خشكريشة لم يبْق شُبْهَة وَلَا سِيمَا إِذا كَانَت الْأَسْبَاب المتأذية إِلَى السل الْمَذْكُور قد سلفت وَإِذا أَخذ الْبدن فِي الذبول والأطراف فِي الانحناء وَالشعر فِي الانتثار لعدم الْغذَاء وَفَسَاد الفضول فقد صَحَّ. وَقد يكمّد اللَّوْن فِي الِابْتِدَاء من السل لكنه يحمرّ عِنْد تصعد البخارات ويتمدد الْعُنُق والجبين وخصوصاً إِذا استقرّ وتنتفخ أَطْرَافهم وخصوصاً أَرجُلهم فِي آخر الْأَيَّام وتتربل لفساد الأخلاط وَمَوْت الغريزة فِي الأقاصي من الْبدن لرداءة المزاج وَالَّذين سَبَب سلّهم خلط أكال فيقذفون بزاقاً فِي طعم مَاء الْبَحْر مالحاً جدا وَقد يكون النبض مِنْهُم ثَابتا معتدل السرعة صَغِيرا وَقد يعرض لَهُ ميلان إِلَى الْجَانِبَيْنِ ثمَّ بعد ذَلِك يحصل فِي الْبَطن قراقر وتنحني الشراسيف إِلَى فَوق ويشتدّ الْعَطش وَتبطل الشَّهْوَة للعظام لضعف القوى الطبيعية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute