والتكميد والفصد يحل كل وجع عَال أَو سافل إِذا لم يكن مَانع من امتلاء بجذبه التكميد. وَأما الفصد فَأكْثر حلّه للأوجاع الْعَالِيَة وَإِذا ضمدت أَو كمدت فاجتهد أَن تحبس بخارها عَن وَجه العليل لِئَلَّا يهيج بِهِ الكرب وضيق النَّفس. وَرُبمَا كَانَت الْعلَّة شَدِيدَة اليبس فينفع بخار الضماد والكماد الرطبين المعتدلين إِذا ضرب الْوَجْه وَذهب فِي الِاسْتِنْشَاق. وَقد يستعان بلعوقات يستعملونها. وأليقها وأوفقها للمحرورين الشمع الْأَبْيَض الْمُصَفّى المغسول بالفصد وَغَيره والثقة بِأَنَّهُ قد استنقى فَإِن المحاجم إِذا وضعت على الْموضع الوجع ظهر مِنْهَا نفع عَظِيم. وَرُبمَا سكنت الوجع أصلا وَرُبمَا جذبته إِلَى النواحي الْخَارِجَة. وضماد الْخَرْدَل إِن اسْتعْمل فِي مثل هَذَا الْموضع عمل عمل المحاجم فِي الجذب. فَإِذا جَاوز السَّابِع فَإِن الأقدمين كَانُوا يأمرون بلعوق يتَّخذ من اللوز وَحب القريص وَالْعَسَل وَالسمن واللعوقات المتخذة من السّمن وعلك البطم وَرُبمَا استعملوا المعاجين الْكِبَار كالأنام نَاسِيا وَهُوَ طَرِيق جيد يقد عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ للصناعة الواثقون من أنفسهم بالتفطن لتلاف إِن اقْتَضَاهُ هَذَا التَّدْبِير وبالاقتدار عَلَيْهِ فيبلغون بِهِ من التنقية الْمبلغ الشافي. وَأما المُحْدَثُونَ الْجُبَنَاء الْغَيْر الواثقين من أنفسهم فِي ذَلِك فَإِنَّهُم يخَافُونَ الْعَسَل ويجعلون بدله السكر. وَكَانَ الأقدمون أَيْضا يشيرون بأدوية قَوِيَّة التنقية مهيأة بالعسل حبوباً تمسك تَحت اللِّسَان ويشيرون فِي هَذَا الْوَقْت بالأضمدة الْمُسَمَّاة ذَات الرَّائِحَة والمتخذة بالمرزنجوش والمرهم السذابي. وَبِالْجُمْلَةِ من سلك هَذَا السَّبِيل الَّذِي للقدماء فَيجب أَن يسلكه بتوق وتحرز وَخَوف أَن يفجر ورماً أَو يهيج حرارة كَثِيرَة ثمَّ لَهُ أَن يَثِق بعد ذَلِك بالنجاح العاجل فَإِن بقيت الْعلَّة إِلَى الرَّابِع عشر لم يكن بدّ من الْحجامَة وتلطيف التَّدْبِير حِينَئِذٍ. وَإِذا اشْتَدَّ بهم السهر فَلَا بُد من شراب الخشخاش وَإِذا تَوَاتر فيهم النَّفس فتدارك ضَرَره إِنَّمَا يكون بالترطيب بِمثل لعاب بزر قطونا يجرع مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء بِمثل الْجلاب. وَقد ينْتَفع بنطل الْجنب بِمَاء فاتر ليخف الوجع ويقل تَوَاتر النَّفس فَإِنَّهُ ضار على مَا قد عرفت. وَبعد الانحطاط الظَّاهِر يسْتَعْمل الْحمام ويجتنب التبريد الشَّديد إِلَّا فِيمَا كَانَ من جنس الْحمرَة وَكَذَلِكَ يجْتَنب التَّدْبِير المغلظ ويستقل بالتلطيف ويطبخ فِي الْمِيَاه والأشربة الْمَذْكُورَة الكراث والفودنج فِي آخِره ويلعقون بزر القريص مَعَ الْعَسَل. فَإِن استعصي الورم ونحا نَحْو الْجمع دبر التَّدْبِير الَّذِي نذكرهُ فِي بَاب ذَلِك خَاصَّة. وَيجب أَن يحذر على الناقه من أَصْحَاب ذَات الْجنب الملوحات والحرافات والامتلاء والشجع وَالشَّمْس وَالرِّيح وَالدُّخَان وَالصَّوْت العالي والنفخ وَالْجِمَاع فَإِنَّهُ إِن انتكس مَاتَ. هَذَا هُوَ قَوْلنَا إِن كَانَت ذَات الْجنب حارة خَالِصَة. وَأما إِن لم تكن كَذَلِك بل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute