للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما القروح الَّتِي فِي الصَّدْر والرئة الَّتِي ذَكرنَاهَا فَإِنَّهَا يحْتَاج أَن يرْزق فِيهَا الْأَدْوِيَة الغسالة الجلاءة وَيُؤمر أَن يضطجع على الْجَانِب العليل ويسعل ويهتزّ أَو يهزّ هزاً رَقِيقا. وَرُبمَا استخرج الْقَيْح مِنْهَا بعد إرْسَال مَاء الْعَسَل فِي القرحة بالآلة الجاذبة للقيح فَإِذا نقّينا الْمَادَّة ورجوت أَنه لم يبْق مِنْهَا شَيْء فَحِينَئِذٍ تسْتَعْمل الْأَدْوِيَة الملحمة المدملة وَلَيْسَ فِي المنقيات الجلاءة فبمثل ذَلِك كالعسل فَإِنَّهُ منق وغذاء حبيب إِلَى الطبيعة لَا يضر القروح. وَأما قرحَة الرئة فَإِن تدبيرها أَمْرَانِ: أَحدهَا علاج حق وَالْآخر مداراة. أما العلاج الحقّ فَإِنَّمَا يُمكن إِذا كَانَت الْعلَّة قَابِلَة للعلاج وَقد وصفناها وَذَلِكَ بتنقية القرحة وتجفيفها ودافع الْموَاد عَنْهَا وَمنع النَّوَازِل وإعانتها على الالتحام وَقد سلف لَك تَدْبِير منع النَّوَازِل وَهُوَ أصل لَك فِي هَذَا العلاج. وَجُمْلَته تنقية الْبدن وجذب الْمَادَّة عَن الرَّأْس إِلَى الأسافل وتقوية الرَّأْس لِئَلَّا تكْثر الفضول فِيهِ وَمنع مَا ينصب من الرَّأْس إِلَى الرئة وجذبه إِلَى غير تِلْكَ الْجِهَة. وَيجب أَن تكون التنقية بالفصد وبأدوية تخرج الفضول الْمُخْتَلفَة مثل القوقايا وخصوصاً مَعَ مقل وصمغ يُزَاد فِيهِ. وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى مَا يخرج الأخلاط السوداوية مثل الأفتيمون وَنَحْوه وَرُبمَا احتجت إِلَى معاودات فِي الاستفراغ لتقلل الفضول وتستفرغ بدواء وتفصد ثمَّ ترفد ثمَّ تعاود وخصوصاً وَمن الْأَشْيَاء النافعة فِي دفع ضَرَر النَّوَازِل اسْتِعْمَال الدياقودا وخصوصاً الَّذِي من الخشخاش مِمَّا قيل فِي الأقراباذين وَغير ذَلِك وَمِمَّا يعين على قبُول الطبيعة للتدبير أَن ينْتَقل إِلَى بِلَاد فِيهَا هَوَاء جَاف ويعالج ويسقى اللَّبن فِيهَا. وَيجب أَن يكون نصبته فِي الْأَكْثَر نصبة ممددة للعنق إِلَى فَوق وَقُدَّام ليستوي وُقُوع أَجزَاء الرئة بَعْضهَا على بعض وَلَا تزَال أَجزَاء القرحة عَن الانطباق والمحاذاة الطبيعية. وَيجب أَن لَا يلح عَلَيْهِ بتسكين السعال بموانع النفث فَإِن فِيهِ خطراً عَظِيما وَإِن أوهم خفَّة. وَأما المداراة فَهِيَ التَّدْبِير فِي تصليبها وتجفيفها حَتَّى لَا تَفْشُو وَلَا تتسع وَإِن كَانَ لَا يُرْجَى مَعهَا الالتحام والاندمال وَفِي ذَلِك إرجاء فِي مهلة صَاحبهَا وَإِن كَانَت عيشته غير راضية وَكَانَ يتَأَذَّى بِأَدْنَى خطأ وَهَذِه المجففات تقبض الرئة وتجففها وتضيق القرحة إِن لم تدملها. وَمن سلك هَذِه السَّبِيل فَلَا يجب أَن يسْتَعْمل اللَّبن الْبَتَّةَ. وَالْعَسَل مركب لأدوية السل وَلَا مضرَّة فِيهِ بالقروح. وَأما تنقية القروح فبالمنقّيات الْمَذْكُورَة وطبيخ الزوفا الْمَذْكُور للسل فِي الأقراباذين. وَأقوى من ذَلِك لعوق الكرسنة بحب الْقطن الْمَذْكُور فِي الأقراداذين. وَأقوى مِنْهُ لعوق الإشقيل بِلَبن الأتن وَرُبمَا احْتِيجَ أَن يجمع إِلَيْهَا الملزجات المغَرية وَرُبمَا أعينت بالمخدرات لتمنع السعال ويتمكن الدَّوَاء من فعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>