للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجذبه. والبلغم فِي شدَّة بياضه وميله إِلَى الحموضة فِي رِيحه وطعمه. والسوداء فِي شدَّة ثخته وقلته وَكَثْرَة قوته وَلَا يبعد أَن يكون الدَّم لشدّة كثرته يستعصي على فعل الطبيعة فَلَا ينفعل عَنْهَا ويعرض للطبيعة الْعَجز عَن إحالته لضغطه إِيَّاهَا وَهَذَا مِمَّا لَا تخفى علاماته. وَقد يعرض من جفاف الْمَنِيّ وَاللَّبن أَن يخرجَا كالحيط فَيجْعَل الدَّم وَإِن غزر غير مَحْمُود الْجَوْهَر وَلَا صَالحا لِأَن يتَوَلَّد مِنْهُ اللَّبن الغزير وَيكون الَّذِي يتوّلد مِنْهُ من اللَّبن غير مَحْمُود وَإِذ قد عرفت السَّبَب فَأَنت بَصِير بِوَجْه قطعه. وَاعْلَم أَنه كل مَا غَزَّر الْمَنِيّ فَإِنَّهُ يغزر فِي أَكثر الْأَبدَان اللَّبن مثل التودرين وبزر الخشخاش وضرع الماعز والضأن وَنَحْوه كَمَا أَن كل مَا يجفف الْمَنِيّ ويقلّله وَيمْنَع تولّده فَإِنَّهُ يقلّل اللَّبن أَيْضا مثل الشهدانج. وَإِذا كَانَ السَّبَب فِي قلَّة اللَّبن قلَّة الْغذَاء كثرت الْغذَاء ورفهت فِيهِ وَجَعَلته من جنس الْحَار الرطب الْمَحْمُود الكيموس. وَإِذا كَانَ السَّبَب فَسَاد الْغذَاء أصلحته ورددته إِلَى الْجِنْس الْمَذْكُور. وَإِذا كَانَ السَّبَب كَثْرَة الرياضة قلّلت مِنْهَا ورفّهت وَإِن كَانَ السَّبَب قلَّة الدَّم لنزف وَنَحْوه حَبسته إِن كَانَ منزفه فِي الأسافل إِلَى الأعالي. وَإِن كَانَ منزفه فِي الأعالي جذبته إِلَى الأسافل. وَأما إِن كَانَ سَببه فَسَاد مزاج ساذج جعلت الأغذية مُقَابلَة لذَلِك المزاج مَعَ كَونهَا غزيرة الكيموس. وَإِن كَانَ السَّبَب خلطاً فَاسِدا غَالِبا استفرغته بِمَا يجب فِي كل خلط وَجعلت غذَاء الصفراوية المزاج من النِّسَاء بِمَا يمِيل إِلَى برد ورطوبة. وَمِمَّا ينفعهن مَاء الشّعير بالجلاب وَأَيْضًا بزر الْخِيَار حقنة وبزر القثاء وَتَنَاول الأدمغة وَشرب لبن الْبَقر والماعز والسمك الرضراضي وَلحم الجدي والدجاج المسمّنة والاحساء المتخذة من كشك الشّعير بِاللَّبنِ ومرق الْخَبَّازِي البستاني وَجعلت تَدْبِير البلغمية المزاج بالأغذية والأدوية الَّتِي فِيهَا تسخين فِي الأولى إِلَى الثَّانِيَة مَعَ ترطيب أَو قلَّة تجفيف. وَمن هَذَا الْقَبِيل الجزر والجرجير والرازيانج والشبث والكرفس الرطب والسمرنيون وخاصة الرطب دون الْيَابِس فَإِنَّهُ مجفف مسخن والحسو الْمُتَّخذ من دَقِيق الْحِنْطَة مَعَ الحلبة والرازيانج. وَإِذا كَانَ اللَّبن يخرج متخيطاً لغلظه ويبسه فالعلاج التنطيل بِمَا يرطب جدا وَتَنَاول المرطبات وَكَذَلِكَ فِي الْمَنِيّ وَقصرت تَدْبِير السوداوية المزاج على الْأَدْوِيَة والأغذية الَّتِي فِيهَا فضل تسخين قريب مِمَّا ذكرنَا وترطيب بَالغ وتتعرف أَيْضا جنس السَّوْدَاء الْغَالِب وتدبّر بِحَسبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>