الوجع الشَّديد وَالْغَم الشَّديد وَتَأْخِير الطَّعَام وَضعف قُوَّة الْمعدة الدافعة وَرُبمَا كَانَ السَّبَب فِيهِ غصبا أَو غماً أَو انفعالاً نفسانياً مِمَّا يُحَرك الْمَادَّة ويصبها إِلَى الْمعدة وَيحدث لذعاً لَا يَزُول إِلَّا بالقيء. وَقد ينصبّ إِلَيْهَا بِمثل هَذِه المحركات خُصُوصا الْجُوع أخلاط صديدية لَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي تِلْكَ النواحي قُرُوح. وَمَعَ ذَلِك فقد تنصب إِلَيْهَا السَّوْدَاء أَيْضا وَالسَّبَب فِي انصباب السَّوْدَاء إِلَيْهَا كَثْرَة السَّوْدَاء وَضعف الْمعدة. وَأَسْبَاب كَثْرَة السَّوْدَاء مَا تعرفه وَسبب انصباب الدَّم إِلَيْهَا كَثْرَة الدَّم وهيجانه فِي عُضْو أشرف مِنْهَا مجاور لَهَا فِي جَانبهَا كالكبد أَو فَوْقهَا كالدماغ إِذا انصب مِنْهُ دم إِلَى الْحلق والمريء وَنفذ إِلَى الْمعدة وَضعف قوتها الدافعة يعين على قبُول جَمِيع مَا ينصب إِلَيْهَا. وَمن الْأَسْبَاب القوية فِي انصباب الدَّم إِلَيْهَا وَإِلَى غَيرهَا احتباس سيال من طمث أَو دم بواسير أَو ذرب أَو ترك رياضة مستفرغة أَو قطع عُضْو فيضيع مَا كَانَت وَاعْلَم أَن ضعف الْمعدة سَبَب قوي فِي انصباب مَا ينصبّ إِلَيْهَا وَأكْثر مَا يُوجد فِي الْمعدة أَو يتولّد فِيهَا من الأخلاط هُوَ البلغم. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الكيلوس قريب الطَّبْع من البلغم فَإِنَّهُ إِذا لم ينهضم انهضاماً تَاما لم يصر دَمًا أَو صفراء أَو سَوْدَاء. وَأَيْضًا فإنَ الْمعدة لَا تنصبّ إِلَيْهَا فِي غَالب الْأَحْوَال صفراء تغسلها كَمَا تغسل الأمعاء. وَأما الصَّفْرَاء فَإِنَّهَا تتولّد فِي بعض الْمعدة وَفِي الْأَكْثَر إِنَّمَا تنصبّ إِلَيْهَا من الكبد على أَنَّهَا تتولّد فِي الْمعدة الحارة إِذا صادفت غذَاء قَابلا للاستحالة بِسُرْعَة إِلَى الدخانية. وَقد يعرض للمعدة إِمَّا فِي الْخلقَة وَإِمَّا بمقاساة أمراض وأوجاع وَسُوء تَدْبِير أَن يصير جرمها متهلهل النسج سخيف القوام رَقِيق الْجلد فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى ضعف فِي جَمِيع أفعالها وَيحْتَاج فِي معالجته إِلَى كلفة. وَأَسْبَاب أمراض الْمعدة كل أَسبَاب الْأَمْرَاض الْمَذْكُورَة الْخَارِجَة والداخلة ويخصّها أَن تكون الأغذية بِحَيْثُ تَقْتَضِي سوء الهضم وَإِن لم تكن الْمعدة إِلَّا على أصحّ الْأَحْوَال وَهُوَ مَذْكُور فِي بَابه أَو تكون قَليلَة جدا حَتَّى تُؤدِّي بالمعدة الصَّحِيحَة إِلَى أَن تخف وتضمر أَو يكثر اسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة فتعتاد الْمعدة الِاسْتِعَانَة بالدواء فِي فعلهَا أَو تتعب كثيرا بالقيء والإسهال وخصوصاً الْقَيْء فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى حَرَكَة عنيفة غير طبيعية فَيعرض أَن يتخلخل نسج ليفها ويتهلهل والمعدة الشَّدِيدَة الْحس مَمْلُوءَة بالتأدي والتألم من كل أدنى سَبَب وكل مزاج يضعف بإفراط فَإِنَّهُ يحدث فِي كل فعل نُقْصَانا حَتَّى إِن الْحَرَارَة الساذجة رُبمَا صَارَت سَببا لتزلق الْمعدة لما يحدث من ضعف الماسكة. وَأما الْحَرَارَة مَعَ مالحة صفراوية فَهِيَ كثيرا مَا تكون سَببا لذَلِك والآفات الَّتِي يحدث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute