دَلَائِل الأمزجة فصل فِي عَلَامَات سوء المزاج الْحَار إِنَّه يدلُّ عَلَيْهِ عَطش - إِلَّا أَن يفرط فَيسْقط الْقُوَّة - وجشاء دخاني وسهوكة الرِّيق وانتفاع بِمَا يبرّد على شَرط تقدم فِي الِاسْتِدْلَال واحتراق الأغذية اللطيفة الَّتِي كَانَ مثلهَا لَا يَحْتَرِق فِي الْحَالة الطبيعية ومحترق الغليظة ينهضم فَوق مَا كَانَ ينهضم إِلَّا أَن يفرط فتضعف الْقُوَّة وَكَثْرَة الْعَطش وَقلة الشَّهْوَة للطعام فِي أَكثر الْأَمر وخصوصاً إِذا كَانَ سوء المزاج مَعَ مَادَّة صفراوية فَإِنَّهَا تسْقط الشَّهْوَة الْبَتَّةَ لَكِن الهضم يكون قَوِيا إِلَّا أَن يفرط سوء المزاج إِلَى أَن يضعف القوى. وَرُبمَا صحب هَذَا المزاج حمى دقّية وَرُبمَا كَانَ هَذَا المزاج لإفراطه قبل أَن تسْقط الشَّهْوَة مهيجاً لجوع شَدِيد بِمَا يحلل وَبِمَا يحدث بلذعه وتحريكه الْموَاد إِلَى التَّحَلُّل كالمص. وَقد يكون هَذَا الْجُوع غشيياً إِذا تَأَخّر مَعَه الْغذَاء أوقع فِي الغشي فَإِذا طَالَتْ مدّته طولا يَسِيرا بطلت الشَّهْوَة أصلا. وَقد يكثر أَيْضا سيلان اللعاب على الْجُوع ويسكن على الشِّبَع للحرارة المحللة المصعّدة. وَإِن وجدت الرُّطُوبَة كَانَ ذَلِك أَكثر. وَهَذَا قد تسكنه الأغذية الغليظة. ثمَّ اعْلَم أَن من كَانَت معدته نارية كَانَ دَمه قَلِيلا رديئاً منتناً حريفاً تكرههُ الْأَعْضَاء الْمُخَالفَة لَهُ فِي المزاج الْأَصْلِيّ فَلَا تغتذي بِهِ فَيكون قَلِيل اللَّحْم وَتَكون عروقه دارة لِأَن مخزون فِيهَا لَا تستعمله الطبيعة والفصد يخرج مِنْهُ دَمًا رديئاً. فِي عَلَامَات سوء المزاج الْبَارِد: يدل على برودة الْمعدة بطء تغيّر الطَّعَام أصلا وَلم ينضج. وَقد يدل عَلَيْهِ كَثْرَة الشَّهْوَة وَقلة الْعَطش والجشاء الحامض من غير سَبَب فِي الطَّعَام على مَا ذَكرْنَاهُ. وَهَذَا يدل على سوء مزاجها الْبَارِد. وَمن الدّلَالَة على ذَلِك أَن لَا يكون استمراء إِلَّا لما خص من الأغذية دون الأغذية الغليظة الَّتِي كَانَت تنهضم من قبل وَرُبمَا بلغ سوء المزاج للمعدة الْبَارِدَة أَن يعرض من الطَّعَام الْمَأْكُول بعد سَاعَات كَثِيرَة تمدد ووجع عَظِيم لَا يسكن إِلَّا بِقَذْف رُطُوبَة خلية كل يَوْم وَرُبمَا أدّى إِلَى الاسْتِسْقَاء والذرب. وبارد مزاج الْمعدة يظْهر على لَونه صفرَة وَبَيَاض لَا يخفى على المجرب وَهُوَ الَّذِي النانخواه من أَجود علاجاته. وَقد يُشَارِكهُ الدِّمَاغ فِي آفَات هَذَا المزاج فَيكون صداع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute