وَرُبمَا كَانَ ضَعِيف الْمعدة يعالج بالمسخنات ويغلب عَلَيْهِ الْعَطش فيخالف المتطيبين فيمتلئ مَاء بَارِدًا أَو يعافى فِي الْوَقْت وَرُبمَا انْدفع الْخَلْط المؤذي بِسَبَب الامتلاء من المَاء الْبَارِد إِن كَانَ هُنَاكَ خلط فَيخرج بالإسهال ويخلص العليل عَمَّا بِهِ. والإسهال مِمَّا يضعف الْمعدة وَيكون مَعَه صداع. وَاعْلَم أَن قُوَّة الْمعدة الثَّابِتَة هِيَ قُوَّة جَمِيع قواها الْأَرْبَع فأيّها ضعفت فَلذَلِك ضعفت الْمعدة. لَكِن النَّاس قد اعتادوا أَن يحيلوا ذَلِك على الهاضمة وكل قُوَّة مِنْهَا فَإِنَّهَا تضعف لكل سوء مزاج لَكِن لجاذبة تضعف بالبرد والرطوبة فِي أَكثر الْأَمر فَلذَلِك يجب أَن تحفظ بالأدوية الحارة الْيَابِسَة إِلَّا أَن يكون ضعفها لسَبَب آخر. والماسكة يجب أَن تحفظ فِي أَكثر الْأَمر باليابسة مَعَ ميل إِلَى برد والدافعة بالرطوبة مَعَ برد مَا والهاضمة بالحرارة مَعَ رُطُوبَة مَا. وَاعْلَم أَن أردأ ضعف الْمعدة مَا يَقع من تهلهل بنسج ليفها ويدلك على ذَلِك أَن لَا تَجِد هُنَاكَ عَلامَة سوء مزاج وَلَا ورم وَلَا ينفع تجويد الأغذية هُنَالك فَاعْلَم أَن الْمعدة قد بليت وَأَن الآفة تدخل على الْقُوَّة الماسكة إِمَّا بِأَن لَا تلتف الْمعدة لآفاتها على الطَّعَام أصلا أَو تلتف قَلِيلا أَو تلتفّ التفافاً رديئاً مرتعشاً أَو خفقانياً أَو مشتنجاً فَمن ذَلِك مَا يحس بِهِ الْمَرِيض إحساساً بيّناً كالتشنج والخفقان. أما الرعشة فَرُبمَا لم يشْعر بهَا الشُّعُور البيّن لَكِن قد يسْتَدلّ عَلَيْهَا بِمَا يحس من نفث الْمعدة وشوقها إِلَى انحطاط الطَّعَام عَنْهَا من غير أَن يكون الدَّاعِي إِلَى ذَلِك قراقر وتمدد أَو نفخاً. فَإِن أفرطت الرعشة صَارَت رعشة يحس بهَا كَمَا يحس بارتعاد سَائِر الْأَعْضَاء وَيدخل على الجاذبة فِي أَن لَا تجذب أصلا. وَقوم يسمون هَذَا استرخاء الْمعدة أَو يكون جذبها مشوّشاً كَأَنَّهُ متشنج أَو مرتعش وَضعف الْمعدة يُؤَدِّي إِلَى الاسْتِسْقَاء اللحمي. وَاعْلَم أَن الْمعدة إِذا ضعفت ضعفا لَا يُمكنهَا أَن تغير الْغذَاء البتّة من غير سَبَب غير ضَعِيف الْمعدة فَإِن الْأَمر يؤول إِلَى زلق الأمعاء لَكِن الْأَغْلَب فِي ضعف الْمعدة السَّبَب الَّذِي يقْصد أَصْحَاب التجارب قصد تلافيه من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَلذَلِك ينْتَفع بِالتَّدْبِيرِ الْمَذْكُور عَنْهُم فِي أَكثر الْأَمر وَيجب أَن تكون الأضمدة والمروخات الْمَذْكُورَة إِذا أُرِيد بهَا فَم الْمعدة أَن يسخن شَدِيدا فَإِن الفاتر يُرْخِي فَم الْمعدة. وَقد يسْتَعْمل جالينوس فِي هَذَا الْبَاب قيروطياً على هَذِه الصّفة بَالغ النَّفْع. ونسخته: يُؤْخَذ من الشمع ثَمَانِيَة مَثَاقِيل وَمن دهن الناردين الْفَائِق أُوقِيَّة ويخلطان ويخلط بهما إِن كَانَت قُوَّة الْمعدة شَدِيدَة الضعْف حَتَّى لَا يمسك الطَّعَام من الصَّبْر والمصطكي من كل وَاحِد مِثْقَال وَنصف وَإِلَّا فمثقال وَاحِد وَمن عصارة الحصرم مِثْقَال وَيُوضَع عَلَيْهَا. وَقد ظن جالينوس أَيْضا أَن جَمِيع علل الْمعدة الَّتِي لَيْسَ مَعهَا حرارة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute