إِلَى الدّفع. واليقظة تضر من حَيْثُ تحْتَاج الْمَادَّة إِلَى الهضم. وَرُبمَا أدَّت التخم وَالْأكل لَا على حَقِيقَة الْجُوع إِلَى أَن يحدث بالمعدة حرقة وحدة لَا تطاق وَهَؤُلَاء قد يَنْتَفِعُونَ بعلاج التخم ويبرئهم معجون سوطن أَو هَؤُلَاءِ رُبمَا تأذوا إِلَى قذف مَا يكلون من الأغذية. قد يكون سَببه حرارة ساذجة أَو مَعَ مَادَّة فيتشوق إِلَى الرطب الْبَارِد الَّذِي هُوَ شراب دون الْحَار الْيَابِس أَو الْيَابِس الَّذِي هُوَ الطَّعَام وَالَّذِي بمادة أَشد فِي ذَلِك وأذهب الشَّهْوَة. وَالْبرد أَشد مُنَاسبَة للشهوة وَلِهَذَا مَا تَجِد الشمَال من الرِّيَاح والشتاء من الْفُصُول شديدي التهييج للشهوة وَمن سَافر فِي الثلوج اشتدت شَهْوَته جدا. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الْحَرَارَة مرخية مسيلة للمواد مالئة للموضع بهَا والبرودة بالضد على أَنه قد يكون السَّبَب الضار بالشهوة سوء مزاج بَارِد مفرط إِذا أمات القوى الحسية والجاذبة فضعفت الشَّهْوَة. وَهَذَا فِي الْقَلِيل بل يكون سَببه كل مزاج مفرط فَإِن استحكام سوء المزاج يضعف القوى كلهَا وَيسْقط الشَّهْوَة فِي الحميات لسوء المزاج وَغَلَبَة الْعَطش والامتلاء من الأخلاط الرَّديئَة الهائجة وَمَا أَشد مَا تسْقط الشَّهْوَة فِي الحميات الوبائية وَإِذا أفرط الإسهال اشتدت الشَّهْوَة بإفراط والشهوة تسْقط فِي أورام الْمعدة والكبد بِشدَّة وَإِذا لم تَجِد شَهْوَة الناقهين وَسَقَطت دلّت على نكس اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون لقلَّة الدَّم وَضعف الْبدن فَتَأمل ذَلِك. وَقد يكون سَببه بلغماً لزجاً كثيرا يحصل فِي فَم الْمعدة فينفر الطَّبْع عَن الطَّعَام إِلَّا مَا فِيهِ حرافة وحدة ثمَّ يعرض من تنَاول ذَلِك أَيْضا نفخ وتمدد وغثيان وَلَا يستريح إِلَّا بالجشاء. وَقد يكون سَببه دوَام النَّوَازِل النَّازِلَة من الرَّأْس إِلَى الْمعدة وَقد يكون سَببه امتلاء من الْبدن وَقلة من التحلّل أَو اشتعالاً من الطبيعة بإصلاح خلط رَدِيء كَمَا يكون فِي الحميات الَّتِي يصبر فِيهَا على ترك الطَّعَام مُدَّة مديدة لِأَن الطبيعة لَا تمتص من الْعُرُوق وَلَا الْعُرُوق من الْمعدة إقبالاً من الطبيعة على الدّفع وإعراضاً عَن الجذب. وكما يَسْتَغْنِي الدب والقنفذ وَكثير من الْحَيَوَانَات عَن الْغذَاء مُدَّة فِي الشتَاء مدبدة لِأَن فِي أبدانها من الْخَلْط الفَج مَا تشتغل الطبيعة بإصلاحه وإنضاجه واستعماله بدل مَا يتَحَلَّل. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الْحَاجة إِلَى الْغذَاء هُوَ أَن يسد بِهِ بدل مَا يتَحَلَّل وَإِذا لم يكن تحلل أَو كَانَ للمتحلّل بدل لم تفْتَقر إِلَى غذَاء من خَارج. وَقد يكون السَّبَب فِيهِ أَن الْعُرُوق فِي اللَّحْم والعضل وَسَائِر الْأَعْضَاء قد عرض لَهَا من الضعْف أَن لَا تمتص فَلَا يتَّصل الامتصاص على سَبِيل التَّوَاتُر إِلَى فَم الْمعدة فَلَا تتقاضى الْمعدة بالغذاء كَمَا إِذا وَقع لَهَا الِاسْتِغْنَاء عَن بدل التَّحَلُّل فَإِنَّهُ إِذا لم يكن هُنَاكَ تحلّل لم يكن هُنَاكَ حَاجَة إِلَى بدل مَا يتَحَلَّل فَلم ينْتَه مص الْعُرُوق إِلَى فَم الْمعدة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute