للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريب وَقد تعرض تِلْكَ الْحَرَارَة لشرب شراب قوي عَتيق كثير أَو طَعَام حَار جدا بِالْفِعْلِ أَو بِالْقُوَّةِ كالحلتيت والثوم. وَكَثِيرًا مَا يَمُوت الْإِنْسَان من شرب الشَّرَاب الْعَتِيق التهاباً وكرباً وعطشاً وَقد تعرض تِلْكَ الْحَرَارَة من شرب الْمِيَاه المالحة ومياه الْبَحْر قد تزيد فِي الْعَطش زِيَادَة لَا تتلافى. وَقد تكون بِسَبَب أدوية وأغذية معطشة تعطشاً بالاستغسال أَو الاستسالة. والاستغسال مثل الشَّيْء المالح يحث الطبيعة على أَن تغسله بالغسال وبالقطع والاستسالة مثل اللزج يحث الطبيعة عَن أَن ترققه جدا حَتَّى ينفذ وَلَا يلتصق. وَقد يعطش الشَّيْء الغليظ لاتجاه الْحَرَارَة إِلَيْهِ والسمك المالح يجمع هَذَا كُله. وَإِمَّا ليبس مزاج الْمعدة وَقد يكون لبلغم مالح فِيهَا أَو حُلْو أَو صفراء مرّة. وَقد يكون لطوبات تغلي وَقد يكون بمشاركة أَعْضَاء أُخْرَى مثل مَا يكون فِي ديانيطس وَهُوَ من علل الكلى ونذكره فِي بَاب الكلى. وَقد يكون من هَذَا الْبَاب الْعَطش بِسَبَب سدد تكون بَين الْمعدة والكبد تحول بَين المَاء وَبَين نُفُوذه إِلَى الْبدن فَلَا يسكن الْعَطش وَإِن شرب المَاء الْكثير وَهَذَا مثل مَا يعرض فِي الاسْتِسْقَاء وَفِي القولنج وَقد يكون بمشاركة الكبد إِذا حميت أَو ورمت أَو اشْتَدَّ بردهَا فَلَا تجذب وبمشاركة الرئة إِذا سخنت وَالْقلب أَيْضا إِذا سخن والمعي الصَّائِم أَيْضا والمريء والغلاصم وَمَا يَليهَا إِذا جَفتْ فِيهَا الرطوبات فتقبضت أَو إِذا سخّنت شَدِيدا. وَقد يعرض لأمراض الدِّمَاغ من السرسام الْحَار والمانيا والقرطب. وَأَشد الْعَطش الْكَائِن بِسَبَب هَذِه الْأَعْضَاء وبالمشاركة مَا هاج عَن فمّ الْمعدة ثمَّ مَا هاج عَن المريء ثمَّ مَا هاج عَن قَعْر الْمعدة ثمَّ مَا كَانَ بمشاركة الرئة ثمَّ مَا كَانَ بمشاركة الكبد ثمَّ مَا كَانَ بمشاركة المعي الصَّائِم. وَقد يكون بمشاركة الْبدن كُله كَمَا فِي الحميات وعطش البحران وَفِي آخر الدِّق والسلّ وكما يعرض من لسعة الأفاعي المعطشة فَإِنَّهَا إِذا لسعت لم يزل الملسوع يشرب لَا يرْوى إِلَى أَن يَمُوت وَكَذَلِكَ عَن شرب شراب مَاتَت فِيهِ الأفاعي أَو طَعَام آخر. وكما يعرض بعد الاستفراغ بالمسهلات والذرب المفرط وشارب الدَّوَاء المسهل فِي أَكثر الْأَمر يعرض لَهُ عِنْد عمل الدَّوَاء عمله عَطش يدل فقدانه فِي أَكثر الْأَوْقَات على أَن الدَّوَاء بعد فِي الْعَمَل. وَقد يعرض لَهُ أَن يتَأَخَّر عَن وقته وَأَن يتَقَدَّم أَحْيَانًا ويسرع قبل عمل الدَّوَاء عمله. فَأَما تقدمه فَيكون إِمَّا لحرارة الدَّوَاء أَو حرارة الْمعدة ويبسها ويتأخر لأضداد ذَلِك. وَلذَلِك فَإِن الْعَطش فِيمَن هُوَ حَار الْمعدة ويابسها وَشرب دَوَاء حاراً لَا يدل على أَن الدَّوَاء عمل عمله وفيمن هُوَ ضِدّه يدلّ على أَنه عمل مُنْذُ حِين. وَمِمَّا يهيّج الْعَطش كَثْرَة الْكَلَام والرياضة والتعب وَالنَّوْم على أغذية

<<  <  ج: ص:  >  >>