للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهضم دون الَّذِي يَنْبَغِي أَو أقل مِمَّا يَنْبَغِي فينفعل من الهضم فَوق الَّذِي يَنْبَغِي فيحترق ويترمد وبقريب من هَذَا يفْسد الْغذَاء اللَّطِيف فِي الْمعدة النارية الحارة. وَإِمَّا لكيفيته بِأَن يكون فِي نَفسه سريع الْقبُول للْفَسَاد كاللبن الحليب والبطيخ والخوخ أَو بطيء الْقبُول للصلاح كالكمأة وَلحم الجاموس. أَو يكون مفرط الْكَيْفِيَّة لحرارته كالعسل أَو لبرودته كالقرع أَو يكون منافياً لشَهْوَة الطاعم بخاصية فِيهِ أَو فِي الطَّعَام كمن ينفر طبعه عَن طَعَام مَا وَإِن كَانَ مَحْمُودًا أَو كَانَ مشتهى عِنْد غَيره. وَأما لوقت تنَاوله وَذَلِكَ إِذا تنوول وَفِي الْمعدة امتلاء أَو بَقِيَّة من غَيره أَو تنوول قبل رياضة معتدلة بعد نفض الطَّعَام الأول وإخراجه. وَإِمَّا للخطأ فِي ترتيبه بِأَن يرتب السَّرِيع الانهضام فَوق البطيء الانهضام فينهضم السَّرِيع الانهضام قبل البطيء الانهضام وَيبقى طافياً فَوْقه فَيفْسد وَيفْسد مَا يخالطه. وَالْوَاجِب فِي التَّرْتِيب أَن يقدم الْخَفِيف على الثقيل واللين على الْقَابِض إِلَّا أَن يكون هُنَاكَ دَاع مرضِي يُوجب تَقْدِيم الْقَابِض لحبس الطبيعة. وَأما لِكَثْرَة أصنافه وَأما الْكَائِن بِسَبَب الْقَابِل فإمَّا فِي جوهره وَإِمَّا بِسَبَب غَيره وَمَا يطِيف بِهِ وَيحدث فِيهِ. وَالَّذِي فِي جوهره فَمثل أَن يكون بالمعدة سوء مزاج بمادة أَو بِغَيْر مَادَّة فيضعف عَن الهضم أَو يُجَاوز الهضم كَمَا علمت فِي الْحَار والبارد أَو يكون جوهرها سخيفاً وثربها رَقِيقا أَو يكون احتواؤه غير متشابه وَلَا جيدا أَو يكون جيدا إِلَّا أَن ثقله يكون مُؤْذِيًا للمعدة فَهِيَ تشتاق إِلَى حط مَا فِيهَا وَإِن لم يحدث قراقر وَنفخ. وَهَذَانِ من أَسبَاب ضعف الهضم وبطلانه أَيْضا. وَأما الَّذِي يكون بِسَبَب غَيره فَمثل أَن يكون فِي الْمعدة ريَاح تحول بَينهَا وَبَين الاشتمال الْبَالِغ على الطَّعَام وَإِذا قيل أَن من أَسبَاب فَسَاد الطَّعَام كَثْرَة الجشاء فَلَيْسَ ذَلِك من حَيْثُ هُوَ جشاء بل من حَيْثُ هُوَ ريح يتَوَلَّد فيمدد الْمعدة ويطفي الطَّعَام فَلَا يحسن اشْتِمَال قَعْر الْمعدة على الطَّعَام. وكل مطفّ للطعام. فَهُوَ عائق عَن الهضم وَمثل أَن تكون الْمعدة يسيل إِلَيْهَا من الرَّأْس أَو الكبد أَو الطحال أَو سَائِر الْأَعْضَاء مَا يفْسد الطَّعَام لمخالطته وَلَا يمكّن الْمعدة من تَدْبيره. وَكَثِيرًا مَا ينصت إِلَيْهَا بعد الهضم وَكَثِيرًا مَا ينصت إِلَيْهَا قبله وَمثل أَن يكون مَا يطِيف بهَا من الكبد وَالطحَال بَارِدًا أَو رَدِيء المزاج. وَأما مَا يكون لأسباب طارئة على الطَّعَام وقابلة فَمثل فقدان الطَّعَام مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من النّوم الهاضم أَو وجدانه من الْحَرَكَة عَلَيْهِ مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فيخضخضه فَيفْسد أَو لِاتِّفَاق شرب عَلَيْهِ أَكثر من الْوَاجِب أَو أقلّ أَو إِيقَاع جماع عَلَيْهِ أَو تَكْثِير أَنْوَاع الْأَطْعِمَة فيحيّر

<<  <  ج: ص:  >  >>