وَالْبرد يحدث الفواق من وُجُوه ثَلَاثَة: أَحدهَا من جِهَة لُزُوم مادته وَالثَّانِي: من جِهَة أَذَى برده ومضادته بكيفيته الْمُجَاوزَة للاعتدال وَالثَّالِث: من جِهَة تقبيضة وتكثيفه المسام فيحتبس فِي خلل الليف مَاء من حَقه أَن يتَحَلَّل عَنهُ. وَإِمَّا عَن شَيْء مؤذ بحرّه كَمَا يعرض فِي الحميات المحرقة من التشنّج فِي فَم الْمعدة وَإِمَّا عَن شَيْء مؤذ بلذعه مثل مَا يعرض من شرب الْخَرْدَل والفلافلي وانصباب الأخلاط الصديدية وَشرب الْأَدْوِيَة اللاذعة كالفلافلي مَعَ شراب وخصوصاً على صِحَة من حس الْمعدة أَو ضعف من جَوْهَر فَم الْمعدة. وَمن هَذَا الْقَبِيل الْغذَاء الْفَاسِد المستحيل إِلَى كَيْفيَّة لاذعة. وَالصبيان يعرض لَهُم ذَلِك كثيرا. وَكَذَلِكَ مَا يعرض من انصباب المرار إِلَى فمّ الْمعدة وكما يَقع عِنْد حَرَكَة المرار فِي البحارين إِلَى رَأس الْمعدة لتدفعه الطبيعة بالقفف إِمَّا عَن ريح محتقن فِي فَم الْمعدة وَفِي طبقاتها أَو فِي المريء تولد عَن حرارة مبخّرة لَا تقوى على التَّحْلِيل وَإِمَّا عَن شَيْء مؤذٍ بثقله كَمَا يكون عِنْد وَأما الْكَائِن عَن اليبس فَإِنَّهُ قد يكون عَن يبس شَدِيد مشنج كَمَا يعرض فِي أَوَاخِر الحمّيات المحرقة والاستفراغات المجففة والجوع الطَّوِيل وَهُوَ دَلِيل على خطر. وَقد يكون عَن يبس لَيْسَ بالمستحكم فينتفع بِأَدْنَى ترطب ونزول. وَأما الْكَائِن بالمشاركة فَمثل مَا يعرض لمن حدث فِي كبده ورم عَظِيم وخصوصاً فِي الْجَانِب المقعر أَو فِي معدته أَو فِي حجب دماغه أَو هُوَ تشرف الْعرُوض فِي حجب دماغه كَمَا يعرض عِنْد شجّة الآمة والصكة الموجعة يصكّ بهَا الرَّأْس وَمثل مَا يعرض فِي الحمّيات فِي تصعّدها وَفِي عَلَامَات البحران فَإِن ذَلِك سَبَب شركَة الْبدن وَقد خمّن فِي اسْتِخْرَاج السَّبَب الْقَرِيب لحدوث الفواق فِي ورم الكبد فَقَالَ بَعضهم لِأَنَّهُ تنصبّ مِنْهُ مرار إِلَى الاثْنَي عشري ثمَّ إِلَى الْمعدة ثمَّ إِلَى فمها. وَقد قيل أَن السَّبَب فِيهِ ضغط الورم وَقد قيل السَّبَب فِيهِ مُشَاركَة الكبد فَم الْمعدة فِي عصبَة دقيقة تصل بَينهمَا وَإِذا كَانَ بِإِنْسَان فوَاق من مَادَّة فَعرض لَهُ من نَفسه العطاس أنحل فواقه. وَكَذَلِكَ إِن قاء وَقذف الْخَلْط فَإِن قاء وَلم ينحلّ فواقه دلّ إِمَّا على ورم فِي الْمعدة أَو فِي أصل العصب الجائي إِلَيْهَا من الدِّمَاغ أَو الدِّمَاغ وَقد يتبع ذنيك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute