للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحجاب أَيْضا برباط عَظِيم قوي ويربطها بأضلاع الْخلف بربط أُخْرَى دقاق صَغِيرَة ويوصل بَينهَا وَبَين الْقلب الْعرق الْوَاصِل بَينهمَا الَّذِي عَرفته طلع من الْقلب إِلَيْهَا وطلع مِنْهَا إِلَى الْقلب بِحَسب المذهبين. وَقد أحكم ربط هَذَا الْعرق بالكبد بغشاء لب ثخين وَهُوَ ينفذ وكبد الْإِنْسَان أكبر من كبد كل حَيَوَان يقارنه فِي الْقدر. وَقد قيل أَن كل حَيَوَان أَكثر أكلا وأضعف قلباً فَهُوَ أعظم كبداً ويصل بَينهَا وَبَين الْمعدة عصب لكنه دَقِيق فَلَا يتشاركان إِلَّا لأمر عَظِيم من أورام الكبد. وَأول مَا ينْبت من الكبد عرقان أَحدهمَا من الْجَانِب المقعر وَأكْثر منفعَته فِي جذب الْغذَاء إِلَى الكبد وَيُسمى الْبَاب. وَالْآخر فِي الْجَانِب المحدب ومنفعته إِيصَال الْغذَاء من الكبد إِلَى الْأَعْضَاء وَيُسمى الأجوف. وَقد بَينا تشريحهما جَمِيعًا فِي الْكتاب الأول. وللكبد زَوَائِد يحتوي بهَا على الْمعدة ويلزمها كَمَا يحتوي على الْمَقْبُوض عَلَيْهِ بالأصابع. وَأعظم زوائدها هِيَ الزَّائِدَة الْمَخْصُوصَة باسم الزَّائِدَة وَقد وضع عَلَيْهَا المرارة وَجعل مدها إِلَى أَسْفَل. وَجُمْلَة زوائدها أَربع أَو خمس. وَاعْلَم أَنه لَيْسَ جرم الكبد فِي جَمِيع النَّاس مضاماً لأضلاع الْخلف شَدِيد الِاسْتِنَاد إِلَيْهَا وَإِن كَانَ فِي كثير مِنْهُم كَذَلِك وَتَكون الْمُشَاركَة بِحَسب ذَلِك أَعنِي مُشَاركَة الكبد لأضلاع الْخلف والحجاب ولحمة الكبد لَا حسّ لَهَا وَمَا يَلِي مِنْهَا الغشاء يحسّ بِسَبَب مَا يَنَالهُ قَلِيلا من أَجزَاء الغشاء العصبي وَلذَلِك تخْتَلف هَذِه الْمُشَاركَة وأحكامها فِي النَّاس وَقد علمت أَن تولد الدَّم يكون فِي الكبد وفيهَا يتَمَيَّز المرار والسوداء والمائية وَقد يخْتل الْأَمر فِي كلتيهما وَقد يخْتل فِي توليد الدَّم وَلَا يخْتل فِي التَّمْيِيز وَإِذا اخْتَلَّ فِي التَّمْيِيز اخِتل أَيْضا فِي توليد الدَّم الْجيد. وَقد يَقع الِاخْتِلَاف فِي التَّمْيِيز لَا بِسَبَب الكبد بل بِسَبَب الْأَعْضَاء الجاذبة مِنْهَا لما تميز. وَفِي الكبد الْقوي الْأَرْبَع الطبيعية لَكِن أَكْثَرهَا ضميتها فِي لحميتها وَأكْثر القوى الْأُخْرَى فِي ليفها وَلَا يبعد أَن يكون فِي المساريقا جَمِيع هَذِه القوى وَإِن كَانَ بعض من جَاءَ من بعد يرد على الْأَوَّلين فَيَقُول: أَخطَأ من جعل للماساريقا جاذبة وماسكة فَإِنَّهَا طَرِيق لما يجب وَلَا يجوز أَن يكون فِيهَا جذب وَأورد فِي ذَلِك حجَجًا تشبه الاحتجاجات الضعيفة الَّتِي فِي كل شَيْء فَقَالَ: أَنه لَو كَانَ للماساريقا جاذبة لَكَانَ لَهَا هاضمة وَكَيف يكون لَهَا هاضمة وَلَا يلبث فِيهَا الْغذَاء ريثما ينفعل قَالَ وَلَو كَانَت لَهَا قُوَّة جاذبة وللكبد أَيْضا لاتفقا فِي الْجَوْهَر لِاتِّفَاق القوى وَلم يعلم هَذَا الضَّعِيف النّظر أَن الْقُوَّة الجاذبة إِذا كَانَت فِي المجرى الَّتِي تجذب الأمعاء كَانَ ذَلِك أعون كَمَا أَن الدافعة إِذا كَانَت فِي المجرى الَّذِي يدْفع فِيهِ كَونهَا فِي المعاء كَانَ ذَلِك أعون وينسى حَال قُوَّة الجاذبة فِي المريء وَهُوَ مجْرى وَلم يعلم أَنه لَيْسَ كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>