للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما الِاسْتِدْلَال مِمَّا ينْبت مِنْهَا - وَهِي الأوردة - فَهِيَ أَنَّهَا إِن كَانَت غَلِيظَة عَظِيمَة ظَاهِرَة فالمزاج الْأَصْلِيّ حَار وَإِن كَانَت رقيقَة خَفِيفَة فالمزاج الْأَصْلِيّ بَارِد. وَأما حَرَارَتهَا وبرودتها ولينها وصلابتها فقد يكون لمزاج أُصَلِّي وَقد يكون لعَارض. وَأما الِاسْتِدْلَال مِمَّا يتولّد فِيهَا فَمثل أَن تولد الصَّفْرَاء يدل على حَرَارَتهَا والسوداء على حَرَارَتهَا الشَّدِيدَة أَو على بردهَا الْيَابِس على مَا تعلم فِي مَوْضِعه. وتولد الدَّم الْجيد دَلِيل على صِحَّتهَا وَالَّذِي ينتشر مِنْهَا الدَّم الْجيد دَلِيل على صِحَّتهَا وَالَّذِي ينتشر مِنْهَا دم جيد يتشبه بِالْبدنِ جدا فَهِيَ صَحِيحَة وَالَّتِي دَمهَا صفراوي أَو سوداوي أَو رهل - وَتبين ذَلِك مِمَّا ينتشر مِنْهُ فِي الْبدن أَو مائي غير قَابل للاتصال بِالْبدنِ كَمَا فِي الاسْتِسْقَاء اللحمي - فَهِيَ عليل بِحَسب مَا يدل عَلَيْهِ حَال مَا ينتشر عَنْهَا. وَأما الموافقات والمخالفات فتعلم أَن الْمُوَافق مشاكل للمزاج الطبيعي مضاد للمزاج الْعَارِض. وَأما السن وَالْعَادَة وَمَا يجْرِي مَعهَا فقد عرفت الِاسْتِدْلَال مِنْهَا فِي الكليات وَأما مُخَالفَة الْقلب الكبد فِي الكيفيات فَاعْلَم أَن حرارة الْقلب تقهر حَرَارَتهَا قهرا ضَعِيفا ورطوبته لَا تقهر يبوستها ويبوسته رُبمَا قهرت رطوبتها قَلِيلا. وحرارة الكبد تقهر برودة الْقلب قهرا ضَعِيفا ورطوبتها تقهر يبوسته قهرا ضَعِيفا وبرودتها أقلّ قهرا لحرارته ويبسها قاهر دَائِما لرطوبته. وَبرد الْقلب يقهر حرارة الكبد أَكثر من قهر يبوسته لرطوبتها وحرارة الْقلب تقهر رُطُوبَة الكبد أَكثر من قهر يبوستها لرطوبته وتقهر برودتها أَيْضا قهرا تَاما. المزاج الْحَار الطبيعي علامته سَعَة الأوردة وظهورها وسخونة الدَّم وَالْبدن إِن لم يقاومه الْقلب فَإِن حرارة الْقلب تغلب برودة الكبد قهرا قَوِيا وَكَثْرَة تول الصَّفْرَاء فِي مُنْتَهى الشَّبَاب والسوداء بعده وَكَثْرَة الشّعْر فِي الشراسيف وَقُوَّة الشَّهْوَة للطعام وَالشرَاب. المزاج الْبَارِد الطبيعي: علامته أضداد تِلْكَ العلامات وبرودة الْقلب تقهر حرارة الكبد دون قهر حرّه لبردها وَلِأَن دم صَاحب هَذَا المزاج رَقِيق مائي وقوته ضَعِيفَة فكثيراً مَا تعرض فِيهِ الحمّيات. المزاج الْيَابِس الطبيعي: علامته قلَّة الدَّم وغلظه وصلابة الأوردة ويبس جَمِيع الْبدن وثخن الشّعْر وجعودته وَالْقلب برطوبته لَا يتدارك يبوسة الكبد تداركاً يعْتد بِهِ. بل لَا يقهرها قهرا أصلا لَكِن يبوسة الكبد تقهر رُطُوبَة الْقلب جدا وحرارة الْقلب تقهر رُطُوبَة الكبد قهرا بَالغا. فِي المزاج الرطب الطبيعي: علامته ضد تِلْكَ العلامات وَالْقلب بيبوسته رُبمَا تدارك رُطُوبَة الكبد قَلِيلا جدا لَكِن رطوبتها تقهر يبوسة الْقلب قهرا قَوِيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>