للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل فِي الْأَشْيَاء الضارة للكبد اعْلَم أَن إِدْخَال الطَّعَام على الطَّعَام وإساءة ترتيبه من أضرّ الْأَشْيَاء بالكبد وَالشرب للْمَاء الْبَارِد دفْعَة على الرِّيق وَفِي أثر الْحمام وَالْجِمَاع والرياضة وَرُبمَا أدّى إِلَى تبريد شَدِيد للكبد لحرص الكبد الملتهبة على الامتياز السَّرِيع. وَالْكثير مِنْهُ رُبمَا أدّى إِلَى الاسْتِسْقَاء وَيجب فِي مثل هَذِه الْحَال أَن تمزجه بشراب وَلَا تبرده شَدِيدا وَلَا تغبّ مِنْهُ غبا بل تمصّه قَلِيلا قَلِيلا. واللزوجات كلهَا تضرّ بالكبد من جِهَة مَا يُورث السدد. وَالْحِنْطَة من جملَة مَا فِيهِ لزوجة بِالْقِيَاسِ إِلَى الكبد وَلَيْسَ فِيهَا ذَلِك بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا بعد الكبد من الْأَعْضَاء إِذا انهضمت فِي الكبد وَلَيْسَ كل حِنْطَة هَكَذَا بل الْقلَّة. وَالشرَاب الحلو يحدث فِي الكبد سدداً وَهُوَ نَفسه يجلو مَا فِي الصَّدْر. وَالسَّبَب فِيهِ أَن الشَّرَاب الحلو ينجذب إِلَى الكبد غير مدرج بحب الكبد لَهُ من حَيْثُ هُوَ حُلْو ونفوذه من حَيْثُ هُوَ شراب فَلَا يلبث قدر مَا يتَمَيَّز التفل مِنْهُ لبث سَائِر الْأَشْيَاء الغليظة بل يرد على الكبد بغلظه ويجد المسلك إِلَيْهَا مُهَيَّأ لِأَن طرق مَا بَين الْمعدة والكبد وَاسِعَة بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا يتَّجه إِلَيْهِ من الْعُرُوق المبثوثة فِي الكبد. ثمَّ إِذا حصل فِي الكبد لم يلبث قدر التميز والهضم بل ينْدَفع اللَّطِيف فِي الْعُرُوق الضيقة هُنَاكَ لسرعة نفوفه وَخلف الرسوب لضيق مسلكه. وَأما فِي الرئة فَالْأَمْر بِالْخِلَافِ لِأَنَّهُ يرد عَلَيْهَا الشَّرَاب الحلو. وَقد يصفى إِمَّا من طَرِيق منافذ المريء على سَبِيل الرشح من منافذ ضيقَة إِلَى وَاسِعَة وَإِمَّا من طَرِيق الأجوف وَقد خلف القفل فَمَا بعده وَهُوَ صَاف وَدَار فِي منافذ ضيقَة إِلَى وَاسِعَة فيصفّى مرّة أُخْرَى. وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَحْوَال الْأُخْرَى لَا يُوجد لَهُ بِالْقِيَاسِ إِلَى الرئة. فصل فِي الْأَشْيَاء الْمُوَافقَة للكبد ينفع من الْأَدْوِيَة كل مَا فِيهِ مرَارَة يفتح بهَا أَو قُوَّة أُخْرَى تفتح بهَا مَعَ قبض يُقَوي بِهِ وعطرية تناسب جَوْهَر الرّوح وتمنع العفونة كالدارصيني وفقاح الأذخر والمر وَنَحْوه وَمَا فِيهِ غسل وجلاء وتنقية للصديد الرَّدِيء إِذا لم يبلغ فِي الإرخاء مُبَالغَة الْغسْل وَمَا فِيهِ إنضاج وتليين وخصوصاً مَعَ قبض وتقوية كالزعفران وَمَا هُوَ مَعَ ذَلِك لذيذ كالزبيب وسريع النّفُوذ كالشراب الريحاني لأكْثر الأكباد الَّتِي لَيْسَ بهَا حرارة شَدِيدَة وَإِذا جمع الدَّوَاء إِلَى الْخَواص الْمَذْكُورَة اللَّذَّة فبالحري أَن يكون صديقا للكبد حبيباً إِلَيْهَا كالزبيب والتين والبندق وَأَن يكون بَالغ النَّفْع فَإِن كَانَ غير قَابل للْفَسَاد والعفونة فَهُوَ أبلغ والطرحشقوق والهندبا البستانيِ والبري يوافقانها جدا وينفعان من الْمَرَض الْحَار فِي الكبد بالخاصية والكيفية المضادة مَعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>