للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعدة وَإِن كَانَ موار بالأسفل الكبد. وَاقعا عِنْد أَسْفَل الْمعدة ويصل بَينه وَبَين الْمعدة عرق يلتحم بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا وَفِيه الباسليق أَيْضا ويدعمه الصفاق المطوي طاقين بشعب تتفرق مِنْهُ فِيهِ كَثِيرَة الْعدَد صَغِيرَة الْمَقَادِير تدَاخل الطحال والثرب. وَفِي الطحال عروق ضوارب وَغير ضوارب كَثِيرَة ينضج فِيهَا الدَّم وتشبه بجوهره ثمَّ تدفع الْفضل وجرمه سخيفاً ليسهل قبُوله للفضل الغليظ السوداوي الَّذِي يداخله ويغشيه غشاء فصل فِي اليرقان الْأَصْفَر وَالْأسود اعْلَم أَن اليرقان تغير فَاحش من لون الْبدن إِلَى صفرَة أَو سَواد لجَرَيَان الْخَلْط الْأَصْفَر أَو الْأسود إِلَى الْجلد وَمَا يَلِيهِ بِلَا عفونة لَو كَانَت لصحبها غبّ فِي الصَّفْرَاء أَو ربع فِي السَّوْدَاء. وَسبب الْأَصْفَر فِي أَكثر الْأَمر هُوَ من جِهَة الكبد وَمن جِهَة المرارة. وَسبب الْأسود من الطحال. وَقد يكون من الكبد وَقد يتَّفق أَن يكون سَبَب الْأَصْفَر والأَسود مَعًا هُوَ المزاج الْعَام للبدن. فلنتكلم أَولا فِي اليرقان الصفراوي فَنَقُول: أَن اليرقان الصفراوي إِمَّا أَن يكون لِكَثْرَة تولد الصَّفْرَاء أَو لِامْتِنَاع استفراغها وَكَثْرَة مَا يتَوَلَّد مِنْهَا إِمَّا بِسَبَب الْعُضْو المولّد أَو بِسَبَب الْمَادَّة الَّتِي مِنْهَا تتولد أَو لأسباب غَرِيبَة. والعضو المولّد فِي الطَّبْع هُوَ الكبد فَإِنَّهَا إِذا سخنت جدا للأسباب المسخنة أَو الأورام فِي الكبد وَفِي مجاري الصَّفْرَاء أَو لسدد تحتبس الْمرة أَو لمرارة أَو لحرارة مزاج الْمرة فتسخّن الكبد جدا أحدثت الصَّفْرَاء على مَا علمت فِي موَاضعه وَأما المولد لَا فِي الطَّبْع فَهُوَ جَمِيع الْبدن إِذا سخن سخونة مفرطة أحَال جَمِيع مَا فِيهِ من الدَّم إِلَى الصَّفْرَاء والمادة هِيَ الأغذية. وَإِذا كَانَت من جنس مَا تتولد مِنْهَا الصَّفْرَاء إِمَّا لحرارة مزاجها وَإِمَّا لسرعة استحالتها إِلَى الْحَرَارَة كاللبن فِي الْمعدة الحارة لم تخل عَن توليد الصَّفْرَاء الْكَثِيرَة. وَأما الْأَسْبَاب الغريبة فَمثل حر من خَارج يشْتَمل عَلَيْهِ أَو يفشو فِيهِ بِسَبَب مثل لسعة من جرارة أَو حَيَّة أَو ضرب من الزنابير الخبيثة أَو عضّ مثل قملة النسْر. وَقد تَفْعَلهُ الْأَدْوِيَة المشروبة كمرارة النمر والأفعى إِذا كَانَا بِحَيْثُ لَا يقتلان. والسمّي فِي الْأَكْثَر يظْهر دفْعَة وَمَا يكون من اليرقان لكثره الصَّفْرَاء فقد يكون انتشارها من نَفسهَا لشدَّة الْغَلَبَة على الدَّم وَقد يكون على سَبِيل دفع من الطبيعة وَهُوَ اليرقان البحراني وَهَذِه الْكَثْرَة قد يتَّفق أَن تتولد دفْعَة وَقد تتولد قَلِيلا قَلِيلا وَفِي الْأَيَّام إِذا كَانَ مَا يتَوَلَّد لَا يتَحَلَّل لكثافة الْجلد أَو غلظ الْمَادَّة. ولهذين السببين مَا يكثر اليرقان عِنْد هيجان الرِّيَاح الشمالية وَفِي الشتَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>