للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السدة قَوِيَّة وَكَانَت أخلاط وبنادق قَوِيَّة كَبِيرَة فَإِذا توجه إِلَيْهَا خلط من فَوق فَرُبمَا لم يجد منفذاً وتأس التَّدْبِير إِلَى خطر عَظِيم فَالْوَاجِب أَولا أَن يبْدَأ بتحشي المليّنات المزلقة مثل مرقة الديك الْهَرم الَّتِي سنصفها بعد بل قد وصفناها فِي أَلْوَاح الْأَدْوِيَة المفردة ثمَّ تسْتَعْمل الحقنة الملينة فَإِن كَانَ هُنَاكَ حمّى فبدل مَاء الديك مَاء الشّعير لَهُ ليَأْخُذ الأخلاظ والبنادق من تَحت قَلِيلا قَلِيلا. فَإِذا أحسّ بِأَن البنادق والأخلاط الغليظة جدا قد خرجت فَإِن وَجب سقِِي شَيْء من فَوق فعل وَإِن أمكن أَن ينقي من فَوق بالقيء الْمُتَوَاتر فعل. وَإِنَّمَا تشتدّ الْحَاجة إِلَى السَّقْي فَوق إِذا كَانَت الْمَادَّة مبدؤها الْمعدة والأمعاء الْعليا وَعلم أَن الْمعدة كَانَت ضَعِيفَة وكثيرة الأخلاط وَوجد الامتلاء فَوق السُّرَّة والثفل هُنَاكَ. فَإِن كَانَ كل هَذَا يَسْتَدْعِي أَن يسقل من فَوق وَكَذَلِكَ إِن عرض القولنج عقيِب السحج فالعلاج من فَوق أولى. وَهَذَا الضَّرْب من القولنج وَهُوَ الَّذِي ابتداؤه من الْمعدة والأعالي وَأَن يكون فِيهَا مَادَّة مستكنة ثمَّ إِنَّهَا ترسل إِلَى المعي المؤفة مَادَّة بعد مَادَّة فَكلما وصلت إِلَيْهِ أعادت الوجع واحتاجت إِلَى تنقية مُبتَدأَة. فَإِذا شرب المسهل فإمَّا أَن يُخرجهَا ويريح مِنْهَا وَإِمَّا أَن يحدرها إِلَى أَسْفَل إِلَى مَوضِع وَاحِد فتنقيها حقنة وَاحِدَة أَو أقل عددا مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ قبل ذَاك. فَإِذا لم يجب سقِِي الدَّوَاء من فَوق لضَرُورَة بَيِّنَة فالأحب إِلَيّ أَن لَا يسْقِي من فَوق الْبَتَّةَ شَيْء ويقتصر على الحقن وَذَلِكَ لِأَن أَكثر القولنج يكون سَببه خلطاً غليظاً لحجاً لحوجاً لَا يخرج بِتَمَامِهِ بالمستفرغات. وَإِذا شرب الدَّوَاء من فَوق استفرغ لَا من الْمعدة والأمعاء وَحدهمَا بل من مَوَاضِع آخرى لَا حَاجَة بهَا إِلَى الإستفراغ الْبَتَّةَ وَذَلِكَ يُورث ضعفا لَا محَالة. فَإِذا كَانَ هَذَا ثمَّ كَانَت الْحَاجة إِلَى تنقية المعي دَاعِيَة إِلَى حقن كَثِيرَة واستفراغات متواترة ضعفت الْقُوَّة جدا فبالحري أَن يقْتَصر مَا أمكن على الحقن وَمَا يجْرِي مجْراهَا فَإِنَّهَا مَا وجدت فِي المعي خلطاً لم يجذب من مَوَاضِع آخرى وَلم يستفرغ من سَائِر الْأَعْضَاء استفراغاً كثيرا. وَإِن كررت الحقنة مرَارًا كَثِيرَة بِحَسب لحاج الْخَلْط المولد للوجع لم يكن من الْخطر فِيهِ مَا يكون إِذا استفرغ من فَوق بأدوية تجذب من الْبدن كُله. وَإِذا كَانَت الحقنة لَا تخرج شَيْئا والمادة لم تنضج فتصبر وَلَا تحقن خُصُوصا بالحقن الحادة فَإِن وَقتهَا بعد النضج على أَن الحقن الحادة يخَاف مِنْهَا على الْقلب والدماغ. وَكَثِيرًا مَا يحقن فَلَا يسهل بل يصدع ويثير فَيجب أَن يعان من فَوق. وَرُبمَا كَانَ استطلاق من فَوق وسدة من أَسْفَل فَيحْتَاج أَن يثخن من فَوق بالقوابض حَتَّى يصير الْجِنْس وَاحِدًا ثمَّ يستفرغ وَيجب أَن تلين الحقن إِذا كَانَت هُنَاكَ حمى وَيكثر دهنها ليكسر ملوحة الْملح الَّذِي رُبمَا احْتِيجَ إِلَى دِرْهَمَيْنِ وَنصف مِنْهُ. وَإِذا كَانَت الحقنة لَا تنزل شَيْئا فاسقِ أيارج فيقرا المخثر أَو الْيَابِس وَذَلِكَ عقيب تنَاول

<<  <  ج: ص:  >  >>