للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومياه الحمأة شَدِيدَة الْمُوَافقَة للقولنج الْبَارِد إِذا جلس فِيهَا كَمَا أَن الحمامات العذبة الأولى بِهِ أَن لَا يقربهَا. وَإِذا ملىء بعض الْأَوَانِي من مياه الحمأة أَو مياه طبخ فِيهَا الْأَدْوِيَة القولنجية وَفرق فِي أَصله ثقوب كَثِيرَة لَا تكَاد تحس لضيقها واستلقى العليل وَرفع الْإِنَاء عَنهُ إِلَى قدر قامة وَيتْرك يقطر مِنْهُ على بَطْنه قطراً مُتَفَرقًا متواتراَ كَانَ شَدِيد النَّفْع جداَ. كَلَام فِي كَيْفيَّة الحقن وآلاته: أما أنبوبة الحقنة فأجود شكل ذكر لَهَا الْأَوَائِل أَن تكون الأنبوبة قد قسم دائرتها بِثلث وثلثين وَجعل بَينهمَا حجاب من الْجَسَد الْمُتَّخذ مِنْهُ الأنبوبة وَقد ألحم بالأنبوبة إلحاماَ شَدِيدا فَصَارَ حِجَابا بَين جزأيه الْمُخْتَلِفين وَيكون الزق مهندماً فِي فَم الْجُزْء الْأَكْبَر من جزأيه وَيكون فَم الْجُزْء الْأَصْغَر مَفْتُوحًا. وَإِن كَانَ الزق مهندماً على جملَة الأنبوبة سد رَأس الْجُزْء الْأَصْغَر بلحام قوي لِئَلَّا يدْخلهُ الْهَوَاء وَيكون لَهُ تَحت الزق فِي مَوضِع لايدخل المقعدة منفذ يخرج مِنْهُ الرّيح. فَإِذا اسْتعْملت الحقنة وحفرت بِقُوَّة الرّيح عَادَتْ الرّيح وَخرجت من الْجُزْء الَّذِي لَا تدخله الحقنة فاستقرت الحقنة استقراراً جيدا لِأَن الرّيح هِيَ الَّتِي تعود بهَا إِلَى خَارج وَتخرج إِلَى الْقيام بِسُرْعَة ثمَّ يجب أَن يتَأَمَّل فَإِن كَانَ الوجع مائلاً إِلَى نَاحيَة الظّهْر حقنت العليل مستلقيأ وَهَذَا أولى بِمن كَانَ قولنجه بمشاركة الْكُلية وَإِن كَانَ مائلاً إِلَى قُدَّام حقنته باركاً. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الحقن باركاً أوصل للحقنة إِلَى معاطف الأمعاء وَقد يحقن مُضْطَجعا على الْيَسَار وَقد وسد الورك بمرفقه وأشال الرجل الْيُمْنَى مُلْصقًا إِيَّاهَا بالصدر وَترك الرجل الْيُسْرَى مبسوطة فَإِذا حقن نَام على ظَهره وَكَذَلِكَ كل من يحقن. وَمن النَّاس من لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك وَمن النَّاس من الأصوب لَهُ أَن يدْخل الْخِنْصر فِي مقعدته مراراَ وَقد مسح بالقيروطي حَتَّى تتسع وتتهندم فِيهِ الأنبوبة. وَمن النَّاس من لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك فَإِذا أردْت أَن تحقن فاعمل مَا ترَاهُ من ذَلِك ثمَّ امسح الأنبوبة والمقعدة بالقيروطي وأدفعها فِيهَا دفعا لَا يوافي محبساً من الأمعاء بل لَا يُجَاوز المعي الْمُسْتَقيم وَإِذا وَقع كَذَلِك لم تدخل الحقنة وَإِذا سويت الأنبوبة فِي موضعهَا فصب الحقنة الرقيقة ثمَّ أعصرها بكلتا يَديك عصراً جيدا مُتَّصِلا لَيْسَ بدلك العنيف فكثيراً مَا يتَّفق أَن تنْدَفع الحقنة فى مثل ذَلِك إِلَى بعيد فَوق مَكَان الحاجه. وَالصَّوَاب عِنْد مثل ذَلِك وَعند اندفاع الحقنة إِلَى فَوق أَن يمد شعر الرَّأْس ويرش المَاء الْبَارِد على الوجع ويعان على جذب الحقنة إِلَى أَسْفَل. وَاعْلَم أَن الحقنة إِذا اسْتعْملت لم يكن بدّ من اسْتِعْمَال الحمولات لتحدرها مَعَ الْعلَّة. وَمَعَ هَذَا فَلَا يجب أَن يكون زرقك للحقنة بذلك الرَّقِيق فَلَا تبلغ الحقنة مَكَان الْحَاجة وَإِذا أزعجت الحقنة ومالت إِلَى الْخُرُوج فَلَا تمنع من ذَلِك بل أعدهَا من ساعتها كَمَا هِيَ وَيجب أَن لَا يحقن الْمَرِيض وَهُوَ يعطس أَو يسعل. وَاعْلَم أَن الحقنة المعتدلة لقدر لَا تبلغ مَنْفَعَتهَا الأمعاء الْعَالِيَة وَإِذا كَانَت كَثِيرَة أَكثر ضررها وَخيف من إذاتها. والثخينة تلْزم وَتفعل مضرَّة كَثِيرَة والرقيقة لَا تَنْفَع وَتَكون فِي حكم القليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>