وَلَا ينْتَفع بالحقنة كثير انْتِفَاع كَمَا قَالَ أبقراط. وَرُبمَا انْدفع ثفله إِلَى فَوق فقاء الزبل والدود وَحب القرع وأنتن فَمه وجشاءه بل رُبمَا أنتن جَمِيع بدنه. وَهَذِه دَلَائِل لَا تخلف واحتباس خُرُوج الشَّيْء من أَسْفَل لَازم لهَذِهِ الْعلَّة. وَأما عظم حَال الْقَيْء للرجيع فَلَيْسَ بِلَازِم إِنَّمَا يعظم عِنْد الْخطر لَكِن حَرَكَة الْقَيْء والتهوّع فِي هَذَا أَكثر مِنْهَا فِي القولنج لِأَن هَذَا فِي معي أقرب إِلَى الْمعدة. وَكَذَلِكَ عرُوض الكرب وَالْغَم والخفقان والغشي والسهر وَبرد الْأَطْرَاف فَإِن هَذِه فِي إيلاوس أَكثر مِنْهَا فِي القولنج وَيكون الثفل فِي البلغمي والثفلي فِيهِ أَشد مِمَّا فِي القولنج لِأَنَّهُ فِي عُضْو أَشد ارتفاعاً وأضعف جرما وَأَشد استقراراً على الْبدن. وَقد يظْهر فِيهِ من تهيج الْعين أَكثر مِمَّا فِي القولنج ثمَّ عَلَامَات تفاصيله مثل عَلَامَات تفاصيل القولنج مَعَ عَلَامَات إيلاوس لَكِن الْكَائِن من السمُوم يحل عَلَيْهِ عرُوض دلالات آخرى قبل اشتداده فَإِن الَّذِي سَببه السمّ قد يُؤَدِّي إِلَى الضعْف والاسترخاء والخفقان فِي أول مَا يعرض قبل أَن يشْتَد ويعظم وَجَعه. ويدلّ عَلَيْهِ أَن لَا يعرف سَبَب آخر ظَاهر. والكائن من قُوَّة الأمعاء يدل عَلَيْهِ شدَّة صلابة الثفل وَسُرْعَة فِي الزبل وَلَا يكون هُنَاكَ حمى وَلَا سُقُوط قُوَّة شَدِيد. العلاج: إِن علاج إيلاوس يقرب من علاج القولنج إِلَّا أَنه أقوى. والمشروب فِيهِ أَنْفَع وَلَا بُد أَيْضا من الحقن فَإِنَّهُ إِذا شرب من فَوق وَامْتنع فحقن من أَسْفَل كَانَ عوناً جيدا لمشروب سَوَاء قدمت الحقنة أَو أخرت بِحَسب الْحَاجة. وَأيهمَا قدم وَجب أَن يَجْعَل الآخر أَضْعَف وَكَثِيرًا مَا يسكن وَجَعه بجرع المَاء الْحَار لوصوله إِلَيْهِ بِالْقربِ محللاً لما يُؤَدِّي فِيهِ. وَقوم يرَوْنَ أَن من الصَّوَاب أَن يفتق المعي أَولا بِوَضْع منفاخ فِيهِ بالرفق ثمَّ يحقن حَتَّى تصل الحقنة إِلَى الْموضع الْبعيد وصُولا سهلاً. والفصد هَهُنَا أوجب فَإِنَّهُ إِن كَانَ ورم لم يكن مِنْهُ بُد وَإِن كَانَ وجع شَدِيد خيف مِنْهُ الورم فَوَجَبَ الِاسْتِظْهَار بِهِ. وَهَذَا قد يعرض مِنْهُ تفرق الأخلاط الرَّديئَة فِي الْبدن لاحتباسها عَن الدّفع حَتَّى ينتن الْبدن وَإِذا تَفَرَّقت أخلاط رَدِيئَة فِي الْبدن وصعب إخْرَاجهَا بالإسهال كَانَ الفصد من الْوَاجِب. وَذَلِكَ أَيْضا مِمَّا يمْنَع الْمَادَّة المؤلمة بغورها عَن الْغَوْر ويكاد أَن يكون اسْتِعْمَال المزلقات المائلة إِلَى الْحَرَارَة واللعابات الحارة مَعَ دهن الخروع نَافِعًا فِي أَكثر إيلاوس اللَّهُمَّ إِلَّا المراري والورمي الشَّديد الْحَرَارَة وَكَذَلِكَ سلاقة الشبث بالملح وَالزَّيْت الْمَطْبُوخ مَعَهُمَا وَكَذَلِكَ تمريخ الْبدن بالزيت المسخّن. ويعالج البلغمي مِنْهُ بِمثل مَا قيل فِي القولنج من المشروبات وبمثل حب الصَّبْر وحبّ السكبينج حب الأيارج. وَجَمِيع ذَلِك بدهن الخروع وبحقن معتدلة تجذب إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute